Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 92-92)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ } يعني : الجنة ، قاله ابن عباس وابن مسعود ومجاهد ، وقال مقاتل بن حيان : التقوى ، وقيل : الطاعة ، وقيل : الخير ، وقال الحسن : لن تكونوا أبراراً . أخبرنا محمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي أخبرنا محمد بن حماد قال : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " عليكم بالصدقِ ، فإنّ الصدق يهدي إلى البِرَّ ، وإنّ البرَ يهدي إلى الجنة ، وما يزالُ الرجلُ يصدقُ ويتحرَّى الصدقَ حتى يُكتبَ عندَ الله صديقاً ، وإياكم والكذبَ فإنّ الكذبَ يهدي إلى الفجورِ وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزالُ الرجلُ يكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتبَ عند الله كذّاباً " . قوله تعالى : { حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } أي : من أحبِّ أموالِكم إليكم ، روى الضحاك عن ابن عباس : أن المراد منه أداء الزكاة . وقال مجاهد والكلبي : هذه الآية نسختها آية الزكاة ، وقال الحسن : كل إنفاق يبتغي به المسلمُ وجهَ الله حتى الثمرة ينال به هذا البِّر ، وقال عطاء : لن تنالوا البِّر أي : شرفَ الدين والتقوى حتى تتصدقُوا وأنتم أصحاء أشحاء . أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول : " كان أبو طلحة الأنصاري أكثر أنصاريّ بالمدينة مالاً وكان أحب أمواله إليه بِيْرُحَاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طَيِّبٍ ، قال أنس : فلما نزلت هذه الآية { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قام أبو طلحة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الله تعالى يقول في كتابه : ( لن تنالوا البِّر حتى تُنفقوا ممّا تُحبون ) وإنّ أحب أموالي إليَّ بيرُحاء ، وإنها صدقة أرجو بِرَّها وذُخرَها عند الله ، فضعها يا رسول الله حيث شئت ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : بخٍ بخٍ ذلك مالٌ رابح . أو قال : ذلك مال رابح وقد سمعتُ ما قلتَ فيها ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ، فقال أبو طلحة أفعلُ يا رسول الله فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه " . وروي عن مجاهد قال : كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء يوم فُتحتْ فدعا بها فأعجبته ، فقال عمر : إن الله عزّ وجلّ يقول : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } فأعتقها عمر . وعن حمزة بن عبد الله بن عمر قال : خطرتْ على قلب عبد الله بن عمر هذه الآية { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال ابن عمر : فذكرتُ ما أعطاني الله عزّ وجلّ ، فما كان شيء أعجب إليّ من فلانة ، هي حرّةٌ لوجه الله تعالى ، ولولا أنني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها . { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } ، أي : يعلمه ويجازي به .