Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-14)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ فِى يَوْمَيْنِ } ، أي : أتمهن وفرغ من خلقهن ، { وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } ، قال عطاء عن ابن عباس : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البَردَ وما لا يعلمه إلا الله . وقال قتادة والسدي : يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها . وقال مقاتل : وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي ، وذلك يوم الخميس والجمعة . { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ } ، كواكب ، { وَحِفْظاً } ، لها ونصب " حفظاً " على المصدر ، أي : حفظناها بالكواكب حفظاً من الشياطين الذين يسترقون السمع ، { ذَلِكَ } ، الذي ذكر من صنعه ، { تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } ، في ملكه ، { ٱلْعَلِيمِ } ، بحفظه . قوله عزّ وجلّ : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } ، يعني : هؤلاء المشركين عن الإِيمان بعد هذا البيان ، { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } ، خوّفتكم ، { صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } ، أي : هلاكاً مثل هلاكهم ، والصاعقة المهلكة من كل شيء . { إِذْ جَآءَتْهُمُ } , يعني : عاداً وثموداً ، { ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خلفِهمْ } ، أراد بقوله : { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم من قبلهم ، { وَمِنْ خلفِهم } يعني : من بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم الذين أرسلوا إليهم ، هودٌ وصالح ، فالكناية في قوله من بين أيديهم راجعة إلى عاد وثمود وفي قوله : { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } راجعة إلى الرسل ، { أنْ لا } بأن لا ، { تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا } ، بدل هؤلاء الرسل ، { مَلَـٰئِكَةً } ، أي : لو شاء ربنا دعوة الخلق لأنزل ملائكة ، { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، حدثنا عبدالله بن حامد الأصفهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي ، أخبرنا أحمد بن مجدة بن العريان ، حدثنا الحماني ، حدثنا ابن فضيل ، عن الأجلح ، عن الذيال بن حرملة ، عن جابر بن عبدالله قال : قال الملأ من قريش وأبو جهل : قد التبس علينا أمر محمد ، فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر ، فأتاه فكلّمه ، ثم أتانا ببيانٍ من أمره ، فقال عتبة ابن ربيعة : والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر ، وعلمت من ذلك علماً ، وما يخفى عليَّ إن كان كذلك أو لا ، فأتاه فلما خرج إليه قال : يا محمد أنت خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبدالمطلب ؟ أنت خير أم عبدالله ؟ فبم تشتم آلهتنا ؟ وتُضلل آباءنا ؟ فإن كنتَ تريد الرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رأساً ما بقيت ، وإن كان بك الباءة زوّجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش ؟ وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغي أنت وعقبك من بعدك ؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم ، فلما فرغ ، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } { حۤـمۤ ( * ) تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ( * ) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } ، إلى قوله { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } ، الآية . فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم ورجع إلى أهله ، ولم يخرج إلى قريش فاحتبس عنهم فقال أبو جهل : يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلاّ قد صبأ إلى دين محمد ، وقد أعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته ، فانطلقوا بنا إليه ، فانطلقوا إليه ، فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حبسك عنّا إلاّ أنك صبوت إلى دين محمد وأعجبك طعامه ، قال : فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد ، فغضب عتبة وأقسم أن لا يكلم محمداً أبداً ، وقال : والله لقد علمتم أني من أكثر قريش مالاً ، ولكني أتيته وقصصت عليه القصة فأجابني بشيء ، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ، وقرأ السورة إلى قوله : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } الآية فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف ، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب ، فخفت أن ينزل بكم العذاب . وقال محمد بن كعب القرظي : حُدّثتُ أن عتبة بن ربيعة كان سيداً حليماً ، قال يوماً وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد وأكلمه وأعرض عليه أموراً لعلّه يقبل منا بعضها ، فنعطيه ويكف عنا ، وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون ، فقالوا : بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه ، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا ابن أخي إنك منّا حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت جماعتهم ، وسفهت أحلامهم ، وعبت آلهتهم ، وكفّرت من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل يا أبا الوليد ، فقال : يابن أخي إن كنت إنما يريد بما جئت به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد شرفاً سوّدناك علينا ، وإن كان هذا الذي بك رئياً تراه لا تستطيع رده طلبنا لك الطب ، ولعل هذا شعر جاش به صدرك ، فإنكم لعمري بني عبدالمطلب يقدرون على ذلك ما لا يقدر عليه غيركم ، حتى إذا فرغ ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوَ قد فرغتَ يا أبا الوليد ؟ قال : نعم ، قال : فاستمع مني ، قال : أفعلُ ، فقال صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم { حۤمۤ تنزيل من الرحمن الرحيم كتابٌ فصلت آياتهُ قرآناً عربياً } ، ثم مضى فيها يقرأ فلما سمعها عتبة أنصت له ، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يستمع منه ، حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد ، ثم قال : قد سمعتَ يا أبا الوليد فأنت وذاك ، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : وما وراءك يا أبا الوليد ؟ فقال : ورائي أني قد سمعتُ قولاً والله ما سمعت بمثله قط ، ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة ، يا معشر قريش ، أطيعوني خلُّوا ما بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تُصِبْه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزّه عزكم ، فأنتم أسعد الناس به ، فقالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ، قال : هذا رأيي لكم ، فاصنعوا ما بدا لكم .