Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 13-18)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَتْكَ } ، أي أخرجك أهلها ، قال ابن عباس : كم رجال هم أشد من أهل مكة ؟ يدل عليه قوله : { أَهْلَكْنَـٰهُمْ } ولمْ يقل : أهلكناها ، { فَلاَ نَـٰصِرَ لَهُمْ } , " قال ابن عباس : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : " أنت أحبّ بلاد الله إلى الله وأحبّ بلاد الله إليَّ ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك " فأنزل الله هذه الآية . { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } ، يقين من دينه ، محمدٌ والمؤمنون ، { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } ، يعني عبادة الأوثان ، وهم أبو جهل والمشركون . { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } ، أي صفتها ، { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } ، آجن متغير منتن ، قرأ ابن كثير " أسن " بالقصر ، والآخرون بالمد ، وهما لغتان يقال : أسن الماء يأسن أسناً ، وأجن يأجن ، أسوناً وأجوناً إذا تغير ، { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ } ، لذيذة ، { لِّلشَّـٰرِبِينَ } ، لم تدنسها الأرجل ولم تدنسها الأيدي ، { وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا أبو أسامة وعبد الله بن نمير وعلي بن مسهر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن خُبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيحان وجيحان والنيل والفرات كلٌّ من أنهار الجنة " . قال كعب الأحبار : نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ، ونهر الفرات نهر لبنهم ، ونهر مصر نهر خمرهم ، ونهر سيحان نهر عسلهم ، وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر . { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ } ، أي من كان في هذا النعيم كمن هو خالد في النار ، { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً } ، شديد الحر تسعر عليهم جهنم منذ خلقت إذا أُدني منهم شوى وجوههم ووقعت فروة رؤوسهم فإذا شربوه ، { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } ، فخرجت من أدبارهم ، والأمعاء جميع ما في البطن من الحوايا واحدها معي . { وَمِنْهُمْ } ، يعني من هؤلاء الكفار ، { مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } ، وهم المنافقون ، يستمعون قولك فلا يعونه ولا يفهمونه ، تهاوناً به وتغافلاً ، { حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } ، يعني فإذا خرجوا من عندك ، { قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } ، من الصحابة : { مَاذَا قَالَ } ، محمد ، { ءَانِفاً } ؟ يعني الآن ، وهو من الائتناف ويقال : ائتنفت الأمر أي ابتدأته وأنف الشيء أوله . قال مقاتل : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ويعيب المنافقين ، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود استهزاءً ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال ابن عباس : وقد سئلت فيمن سئل . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللهُ عَلَىٰ قلُوبِهم } ، فلم يؤمنوا ، { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } ، في الكفر والنفاق . { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ } ، يعني المؤمنين ، { زَادَهُمْ } ، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ، { هُدًى وَءَاتَـٰهُمْ تَقُوَاهُمْ } ، وفقهم للعمل بما أمرهم به ، وهو التقوى ، قال سعيد بن جبير : وآتاهم ثواب تقواهم . { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً } . أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى ابن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق الهاشمي ، حدثنا الحسين بن الحسن ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا معمر ابن راشد ، عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلاّ غنىً مطغياً ، أو فقراً مُنسياً ، أو مرضاً مُفسداً ، أو هرماً مُفَنَّداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمرُّ " . قوله عزّ وجلّ : { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا } ، أي أماراتها وعلاماتها ، واحدها : شرط ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل ابن سعد قال : رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام : " بُعثتُ أنا والساعة كهاتين " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن ويوسف ، حدثنا محمد ابن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر الحوضي ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس قال : لأحدثنّكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثنكم به أحد غيري ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقلّ الرجال ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا فليح ، حدثني هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم إذْ جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال : وقال بعضهم : بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه ، قال : أين السائل عن الساعة ؟ قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : " إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة " : قال : كيف إضاعتها ؟ قال : " إذا وُسِدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " . قوله عزّ وجلّ : { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } ، فمن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة ؟ نظيره : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } [ الفجر : 23 ] .