Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 6-16)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } ، قال محمد بن كعب القرظي والضحاك : يعني الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور ، وهو قول ابن عباس : وذلك ما روي أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة ناراً فيزاد بها في نار جهنم ، كما قال الله تعالى : { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [ التكوير : 6 ] وجاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يركبنَّ رجلٌ بحراً إلاّ غازياً أو معتمراً أو حاجاً ، فإنّ تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً " . وقال مجاهد والكلبي : " المسجور " : المملوء ، يقال : سجرت الإناء إذا ملأته . وقال الحسن ، وقتادة ، وأبو العالية : هو اليابس الذي قد ذهب ماؤه ونضب . وقال الربيع بن أنس : المختلط العذب بالمالح . وروى الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي أنه قال في البحر المسجور : هو بحر تحت العرش ، غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين ، فيه ماء غليظ يقال له : بحر الحيوان . يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحاً فينبتون في قبورهم . هذا قول مقاتل : أقسم الله بهذه الأشياء . { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } ، نازل كائن . { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } ، مانع . قال جبير بن مطعم : قدمت المدينة لأكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه المغرب ، وصوته يخرج من المسجد فسمعته يقرأ { وَٱلطُّورِ } إلى قوله { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } ، فكأنما صدع قلبي حين سمعته ، ولم يكن أسلم يومئذ ، قال : فأسلمت خوفاً من نزول العذاب ، وما كنت أظن أني أقوم من مكاني حتى يقع بي العذاب . ثم بيَّن أنه متى يقع فقال : { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَمَاءُ مَوْراً } ، أي : تدور كدوران الرحى وتتكفأ بأهلها تكفؤَ السفينة . قال قتادة : تتحرك . قال عطاء الخراساني : تختلف أجزاؤها بعضها في بعض . وقيل : تضطرب ، و " المور " يجمع هذه المعاني ، فهو في اللغة : الذهاب والمجيء والتردد والدوران والاضطراب . { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } ، فتزول عن أماكنها وتصير هباءً منثوراً . { فَوَيْلٌ } , فشدة عذاب ، { يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } ، يخوضون في الباطل يلعبون غافلين لاهين . { يَوْمَ يُدَعُّونَ } ، يدفعون ، { إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } ، دفعاً بعنف وجفوة ، وذلك أن خزنة جهنم يغلون أيديهم إلى أعناقهم ، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ، ثم يدفعون بهم إلى النار دفعاً على وجوههم ، وزجّاً في أقفيتهم حتى يَرِدُوا النار ، فإذا دنوا منها قال لهم خزنتها : { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } ، في الدنيا . { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } ، وذلك أنهم كانوا ينسبون محمداً صلى الله عليه وسلم إلى السحر ، وإلى أنه يغطي على الأبصار بالسحر ، فوُبِّخوا ، به ، وقيل لهم : { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } . { ٱصْلَوْهَا } ، قاسوا شدتها ، { فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ } ، الصبر والجزع ، { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .