Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 13-17)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا } أي : من الجنة ، وقيل : من السماء إلى الأرض وكان له ملك الأرض وأخرجه منها إلى جزائر البحر وعرشه في البحر الأخضر ، فلا يدخل الأرض إلا خائفاً على هيئة السارِق مثل شيخ عليه أطمار يروع فيها حتى يخرج منها . قوله تعالى : { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ } ، بمخالفة الأمر ، { فِيهَا } ، أي : في الجنّة ، فلا ينبغي أن يسكن الجنة ولا السماء متكبرٌ مخالفٌ لأمر الله ، { فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ } ، من الأذلاّء ، والصغار : الذلّ والمهانة . { قَالَ } ، إبليس عند ذلك ، { أَنظِرْنِى } ، أخّرني وأمهلني فلا تمتني ، { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } ، من قبورهم وهو النفخة الأخيرة عند قيام الساعة ، أراد الخبيث أن لا يذوق الموت . { قال } الله تعالى : { إِنَّكَ مِنَ ٱلمُنظَرِينَ } ، المؤخرين ، وبيّن مدة النظرة والمهلة في موضع آخر ، فقال : { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } [ الحجر : 38 ] ، وهي النفخة الأولى حين يموت الخلق كلهم . { قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى } ، اختلفوا في " ما " ، قيل : هو استفهام يعني فبأيّ شيء أغويتني ؟ ثم ابتدأ فقال : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } ، وقيل : " ما " الجزاء ، أي : لأجل أنك أغويتني لأحقدَنَّ لهم ، وقيل : هو " ما " المصدر موضع القسم تقديره : فبإغوائك إيّاي لأقعدنّ لهم ؛ كقوله : { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } [ يس : 27 ] ، يعني : لغفران ربي . والمعنى بقدرتك عليّ ونفاذ سلطانك فيَّ . وقال ابن الأنباري : أي فيما أوقعت في قلبي من الغي الذي كان سبب هبوطي من السماء أغويتني ، أي : أضللتني عن الهدى . وقيل : أهلكتني . وقيل : خيّبتني ، { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } ، أي : لأجلسنّ لبني آدم على طريقك القويم وهو الإسلام . { ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } ، قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس : من بين أيديهم أي مِنْ قِبل الآخرة فأشكِّكُهم فيها ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } ، أرغبهم في دنياهم ، { وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ } ، أشبِّه عليهم أمر دينهم . { وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } ، أشهي لهم المعاصي . وروى عطية عن ابن عباس : { مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } من قِبَلِ دنياهم ، يعني أزينها في قلوبهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } ، من قِبَلِ الآخرة فأقول : لاَ بعث ، ولا نشور ، ولا جنّةَ ، ولا نارَ ، { وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ } من قِبَلِ حسناتهم ، { وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } من قِبَلِ سيئاتهم . وقال الحكم : من بين أيديهم : من قبل الدنيا يُزيّنها لهم ، ومن خلفهم : من قبل الآخرة يثبطهم عنها ، وعن أيمانهم : من قبل الحقّ يصدّهم عنه ، وعن شمائلهم : من قبل الباطل يزينه لهم . وقال قتادة : أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار ، ومن خلفهم : من أمور الدنيا يزينها لهم ودعاهم إليها ، وعن أيمانهم : من قبل حسناتهم بطّأهم عنها ، وعن شمائلهم : زيّن لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله . وقال مجاهد : من بين أيديهم وعن أيمانهم من حيث يبصرون ، ومن خلفهم وعن شمائلهم من حيث لا يبصرون . وقال ابن جريج : معنى قوله حيث لا يبصرون ، أي لا يخطئون وحيث لا يبصرون أي لا يعلمون أنهم يخطئون . { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ } ، مؤمنين ، فإن قيل : كيف علم الخبيث ذلك ؟ قيل : قاله ظناً فأصاب . قال الله تعالى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } [ سبأ : 20 ] .