Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 11-32)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } ، قرأ أهل البصرة " وقتت " بالواو ، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف ، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف ، وهما لغتان . والعرب تعاقبت بين الواو والهمزة كقولهم : وكَّدت وأكدت ، ورَّخت وأرخت ، ومعناهما : جمعت لميقات يوم معلوم ، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم . { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } ، أي أخرت ، وضرب الأجل لجمعهم فعجّب العباد من ذلك اليوم , ثم بيّن فقال : { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يوم يفصل الرحمن عز وجل بين الخلائق . { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } ، يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم . { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلأَخِرِينَ } ، السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب يعني كفار مكة بتكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم . { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } ، يعني النطفة . { فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ } ، يعني الرحم . { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } وهو وقت الولادة . { فَقَدَرْنَا } , قرأ أهل المدينة والكسائي : " فقدَّرنا " بالتشديد من التقدير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة ، لقوله : " فنعم القادرون " ، وقيل : معناهما واحد ، وقوله : { فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ } ، أي المقدّرون . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } وعاءً ، ومعنى الكَفْت : الضم والجمع ، يقال : كفت الشيء : إذا ضمه وجمعه . وقال الفرَّاء : يريد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم , وتكفتهم أمواتاً في بطنها , أي : تحوزهم . وهو قوله : { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } , جبالاً { شَـٰمِخَـٰتٍ } , عاليات ، { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّآءً فُرَاتاً } , عذباً . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } قال مقاتل : وهذا كله أعجب من البعث , ثم أخبر أنه يقال لهم يوم القيامة . { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } في الدنيا . { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } , يعني دخان جهنم إذا ارتفع انشعب وافترق ثلاث فرق . وقيل : يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث شعب , أما النور فيقف على رؤوس المؤمنين ، والدخان يقف على رؤوس المنافقين ، واللهب الصافي يقف على رؤوس الكافرين . ثم وصف ذلك الظل فقال عز وجل : { لاَّ ظَلِيلٍ } لا يظل من الحر ، { وَلاَ يُغْنِى مِنَ ٱللَّهَبِ } , قال الكلبي : لا يرد لهب جهنم عنكم ، والمعنى أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حر اللهب . { إِنَّها } ، يعني جهنم ، { تَرْمِى بشَرَرٍ } ، وهو ما تطاير من النار ، واحدها شررة ، { كَٱلْقَصْرِ } ، وهو البناء العظيم ، قال ابن مسعود : يعني الحصون . وقال عبد الرحمن بن عياش سألت ابن عباس عن قوله : { إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } قال : هي الخشب العظام المقطعة ، وكنا نعمد إلى الخشب فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه ندخرها للشتاء ، فكنا نسميها القصر . وقال سعيد بن جبير , والضحاك : هي أصول النخل والشجر العظام ، واحدتها قصرة ، مثل تمرة وتمر ، وجمرة وجمر . وقرأ علي وابن عباس " كالقصر " بفتح الصاد ، أي أعناق النخل ، والقصرة العنق ، وجمعها قصر وقصرات .