Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 2-4)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ } ، يقول ليس المؤمن الذي يخالف الله ورسوله ، إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم ، { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } ، خافت وفَرَقَتْ قلوبهم . وقيل : إذا خُوِّفوا بالله انقادوا خوفاً من عقابه . { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً } ، تصديقاً ويقيناً . وقال عمير بن حبيب وكانت له صحبة : إن للإيمان زيادةً ونقصاناً ، قيل : فما زيادته ؟ قال : إذا ذكرنا الله عزّ وجلّ وحمدناه فذلك زيادته ، وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه ، وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن عدي : إن للإيمان فرائضَ وشرائطَ وشرائعَ وحدوداً وسُنناً فمن استكملها استكمل الإيمان ومنْ لم يستكملْها لم يستكملِ الإيمان . { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ، أي : يُفوّضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره ولا يخافونَ سواه . { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } . { أُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } ، يعني يقيناً . قال ابن عباس : بِرئوا من الكفر . وقال مقاتل : حقاً لا شكّ في إيمانهم . وفيه دليل على أنه ليس لكل أحد أن يصف نفسه بكونه مؤمناً حقاً لأن الله تعالى إنما وصف بذلك قوماً مخصوصين على أوصاف مخصوصة ، وكل أحد لا يتحقّق وجود تلك الأوصاف فيه . وقال ابن أبي نجيح : سأل رجل الحسن فقال : أمؤمن أنت ؟ فقال : إن كنتَ تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنّة والبعث والحساب ، فأنا بها مؤمن ، وإن كنتَ تسألني عن قوله : " إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبُهم " الآية ، فلا أدري أمنهم أنا أم لا ؟ وقال علقمة : كنّا في سفر فلقينا قوماً فقلنا : مَنِ القوم ؟ قالوا : نحن المؤمنون حقاً ، فلم ندرِ ما نُجيبهم حتى لقينا عبدالله بن مسعود فأخبرناه بما قالوا ، قال : فما رددتم عليهم ؟ قلنا : لم نردّ عليهم شيئاً ، قال : أفلا قلتم أمِنْ أهل الجنّة أنتم ؟ إن المؤمنين أهل الجنّة . وقال سفيان الثوري : من زعم أنه مؤمن حقاً عند الله ، ثم لم يشهد أنه في الجنّة فقد آمن بنصف الآية دون النصف . { لَّهُمْ دَرَجَـٰتٌ عِندَ رَبِّهِمْ } ، قال عطاء : يعني درجات الجنّة يرتقونها بأعمالهم . وقال الربيع بن أنس : سبعون درجة ما بين كل درجتين حَضَرُ الفرس المضَمَّر سبعين سنةً . { وَمَغْفِرَةٌ } ، لذنوبهم { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، حسن يعني ما أعدّ الله لهم في الجنة .