Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 73-74)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ } : بالسيف والقتال ، { وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } ، واختلفوا في صفة جهاد المنافقين ، فقال ابن مسعود : بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ، وقال : لا تَلْقَ المنافقين إلاّ بوجه مكفهِرّ . وقال ابن عباس : باللسان وترك الرفق . وقال الضحاك : بتغليظ الكلام . وقال الحسن وقتادة : بإقامة الحدود عليهم . { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ } في الآخرة ، { جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . وقال عطاء : نسخت هذه الآية كلَّ شيء من العفو والصفح . قوله تعالى : { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ } ، قال ابن عباس : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل حجرة فقال : " إنه سيأتيكم إنسانٌ فينظر إليكم بعيني شيطان ، فإذا جاء فلا تكلموه " ، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " عَلاَمَ تشتمني أنتَ وأصحابُك " ؟ فانطلق الرجل ، فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ، ما قالوا " ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية . وقال الكلبي : " نزلت في الجُلاَس بن سُوَيد ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم بتبوك ، فذكر المنافقين وسمّاهم رجساً وعابهم ، فقال جُلاَس : لئن كان محمد صادقاً لنحن شرٌّ من الحمير . فسمعه عامر بن قيس ، فقال : أجل إنّ محمداً لصادقٌ وأنتم شرٌّ من الحمير ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المديتة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قال الجلاس : فقال الجلاس : كذب عليّ يا رسول الله ، وأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلفا عند المنبر ، فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قاله ، ولقد كذَبَ عليّ عامر ، ثم قام عامر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد قاله وما كذَبْتُ عليه ، ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم أنزل على نبيّك تصديق الصادقِ منّا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون : آمين . فنزل جبريل عليه السلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية ، حتى بلغ : { فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ } ، فقام الجلاس فقال : يارسول الله أسمعُ [ اللّهَ عزّ وجلّ ] قد عرضَ عليّ التوبة ، صدقَ عامرُ بن قيس فيما قاله ، لقد قلتُه وأنا أستغفر الله وأتوب إليه ، فقَبِلَ رسول الله ذلك منه وحَسُنَتُ توبته " . قوله تعالى : { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـٰمِهِمْ } ، أي : أظهروا الكفر بعد إظهار الإِيمان والإِسلام . وقيل : هي سبُّ النّبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : كلمة الكفر قول الجلاس : لئن كان محمد صادقاً لنحن شرٌّ من الحمير . وقيل : كلمة الكفر قولهم : { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } [ المنافقون : 8 ] ، وستأتي تلك القصة [ في موضعها في سورة المنافقين ] ، { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } ، قال مجاهد : هَمّ المنافقون بقتل المسلم الذي سمع قولهم : لنحن شر من الحمير ، لكي لا يفشيه . وقيل : هَمّ اثنا عشر رجلاً من المنافقين وقفوا على العقبة في طريق تبوك ليفتِكُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء جبريل عليه السلام وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وُجُوهَ رَوَاحِلِهم ، فأرسل حذيفة لذلك . وقال السدي : قالوا إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبدالله بن أُبي تاجاً ، فلم يصلوا إليه . { وَمَا نَقَمُوۤاْ } ، وما كرهوا وما أنكروا منهم ، { إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } . وذلك أن مولى الجُلاَس قُتل ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته اثني عشر ألف درهم فاستغنى . وقال الكلبي : كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم في ضَنَكٍ من العيش ، فلما قَدِمَ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم استغنوا بالغنائم . { فَإِن يَتُوبُواْ } من نفاقهم وكفرهم { يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا } ، يعرضوا عن الإِيمان ، { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِى ٱلدُّنْيَا } ، بالخزي ، { وَٱلأَخِرَةِ } ، أي : وفي الآخرة بالنار ، { وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } .