Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 75-75)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ ءَاتَـٰنَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ } الآية . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبدالله بن حامد الأصفهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي ، حدثنا محمد بن نصر ، حدثني أبو الأزهر أحمد بن الأزهر ، حدثنا مروان بن محمد بن شعيب حدثنا مُعَان بن رفاعة عن علي بن يزيد ، عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبي أُمامة الباهلي قال : " جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أدْعُ اللَّهَ أن يرزقني مالاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ياثعلبة قليلٌ تُؤدي شُكْرَهُ خيرٌ من كثير لا تُطيقه " ، ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله أدْعُ اللَّهَ أن يرزقني مالاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمَالَكَ في رسولِ الله أُسْوَةٌ حسنة ؟ والذي نفسي بيده لو أردتُ أن تسَّير الجبال معي ذهباً وفضةً لسَارتْ " ، ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ادْعُ اللَّهَ أن يرزقني مالاً فوالذي بعثك بالحق لئن رزقني اللّهُ مالاً لأعطين كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللّهمّ ارْزُقْ ثعلبةَ مالاً " . قال : فاتخذ غنماً فَنَمتْ كما ينمو الدود ، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ، فنزل وادياً من أوديتها وهي تنمو كالدود ، فكان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ويصلي في غنمه سائر الصلوات ، ثم كثُرتْ ونَمتْ حتى تباعد بها عن المدينة ، فصار لا يشهد إلا الجمعة ، ثم كَثُرتْ فنَمتْ فتباعد أيضاً حتى كان لا يشهد جمعة ولا جماعة . فكان إذا كان يوم الجمعة خرج يتلقَّى الناسَ يسألهم عن الأخبار ، فذكره صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : ما فعل ثعلبة ؟ قالوا : يارسول الله اتخذ ثعلبة غنماً ما يسعها وادٍ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا وَيْحَ ثعلبةَ يا وَيحَ ثعلبة يا ويحَ ثعلبة " . فأنزل الله آية الصدقات ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني سليم ورجلاً من جُهينة وكتب لهما أسنان الصدقة ، كيف يأخذان ، وقال لهما : " مُرّا بثعلبة بن حاطب ، و [ بفلان ] ، ورجلٍ من بني سليم فخذا صدقاتهما ، فخرجا إلى ثعلبة حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذه إلا جزية ما هذ إلاّ أخت الجزية ، انطلقا حتى تفرغا الصدقة ثمّ عُودا إليّ ، فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بها فلما رأوها قالوا : ما هذه عليك . قال : خذاه فإن نفسي بذلك طيبة ، فمرَّا على الناس فأخذا الصدقات ، ثم رجعَا إلى ثعلبة ، فقال : أروني كتابكما فقرأه ، ثم قال : ما هذه إلا أخت الجزية ، إذهبا حتى أرى رأيي . قال : فأقبلا فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يكلِّماه قال : يا وَيْحَ ثعلبة يا وَيْحَ ثعلبة ، ثم دعا للسُّلمي بخير ، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة ، فأنزل الله تعالى فيه : { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ ءَاتَـٰنَا مِن فَضْلِهِ } الآية ، إلى قوله : { وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال ويحك يا ثعلبة لقد أنزل الله فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أتى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه الصدقة ، فقال : إن الله عزّ وجلّ منعني أن أقبل منك صدقتك ، فجعل يحثو التراب على رأسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا عملك وقد أمرتُك أن تطعني ، فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبض صدقته ، رجع إلى منزله . وقُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى أبا بكر فقال : اقبلْ صدقتي ، فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسولُ الله ثم أنا أقبلها ؟ فقُبضَ أبو بكر ولم يقبلها . فلّما وَلِيَ عمرُ أتاه : فقال : اقبلْ صدقتي ، فقال : لم يقبلها منك رسولُ الله ولا أبو بكر ، أنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها فلّما وَلِيَ عثمان أتاه فلم يقبلها منه ، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان " . قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة : أتى ثعلبة مجلساً من الأنصار فأشهدهم لئن آتاني الله من فضله آتيت منه كل ذي حقّ حقَّه ، وتصدقت منه ، ووصلت الرحم ، وأحسنت إلى القرابة ، فمات ابن عم له [ فورَّثه ] مالاً فلم يف بما قال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال الحسن ومجاهد : نزلت في ثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير ، وهما من بني عمرو بن عوف ، خَرجا على ملأ قعودٍ وقالا : والله لئن رزقنا اللَّهُ [ مالاً ] لنصدقنّ ، فلما رزقهما الله عزّ وجلّ بَخِلاَ به فقوله عزّ وجلّ : { وَمِنْهُمْ } ، يعني : المنافقين { مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ ءَاتَـٰنَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ } ولنؤدينّ حقَّ الله منه . { وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } ، نعمل بعمل أهل الصلاح فيه ؛ من صلة الرحم والنفقة في الخير .