Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 25-29)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه صفة حالة مضادة للمتقدمة . وقال ابن جريج في قوله { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } إنه روي : إذا لم تمش إلى قريبك برجلك ولم تواسه بمالك فقد قطعته . وقال مصعب بن سعد : سألت أبي عن قوله تعالى : { هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا } [ الكهف : 103 - 104 ] هم الحرورية ؟ قال : لا ولكن الحرورية : { هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض } وأولئك هم الفاسقون ، فكان سعد بن أبي وقاص يجعل فيهم الآيتين . و " اللعنة " : الإبعاد من رحمة الله ومن الخير جملة . و { سوء الدار } ضد { عقبى الدار } [ الرعد : 23 ] والأظهر في { الدار } هنا أنها دار الآخرة ، ويحتمل أنها الدنيا على ضعف . وقوله : { الله يبسط الرزق لمن يشاء } الآية ، لما أخبر عمن تقدمت صفته بأن { لهم اللعنة ولهم سوء الدار } أنحى بعد ذلك على أغنيائهم ، وحقر شأنهم وشأن أموالهم ، المعنى : أن هذا كله بمشيئة الله ، يهب الكافر المال ليهلكه به ، ويقدر على المؤمن ليعظم بذلك أجره وذخره . وقوله : { ويقدر } أي من التقدير ، فهو مناقض يبسط . ثم استجهلهم في قوله : { وفرحوا بالحياة الدنيا } وهي بالإضافة إلى الآخرة متاع ذاهب مضمحل يستمتع به قليلاً ثم يفنى . و " المتاع " : ما يتمتع به مما لا يبقى وقال الشاعر : [ الوافر ] @ تمتَّعْ يا مشعث إن شيئاً سبقت به الممات هو المتاع @@ وقوله تعالى : { ويقول الذين كفروا : لولا أنزل عليه آية } الآية ، هذا رد على مقترحي الآيات من كفار قريش ، كسقوط السماء عليهم كسفاً ونحو ذلك من قولهم : سيَّر عنا الأخشبين واجعل لنا البطاح محارث ومغترساً كالأردن ، وأحي لنا قصيّاً وأسلافنا ، فلما لم يكن ذلك - بحسب أن آيات الاقتراح لم تجر عادة الأنبياء بالإتيان بها إلا إذا أراد الله تعذيب قوم - قالوا هذه المقالة ، فرد الله عليهم { قل … } أي أن نزول الآية لا تكون معه ضرورة إيمانكم ولا هداكم ، وإنما الأمر بيد الله { يضل من يشاء ويهدي } إلى طاعته والإيمان به { من أناب } إلى الطاعة وآمن بالآيات الدالة . ويحتمل أن يعود الضمير في { إليه } على القرآن الكريم ، ويحتمل أن يعود على محمد عليه السلام . و { الذين } بدل من { من } في قوله : { من أناب } و " طمأنينة القلوب " هي الاستكانة والسرور بذكر الله . والسكون به كمالاً به . ورضى بالثواب عليه وجودة اليقين . ثم استفتح عز وجل الإخبار بأن طمأنينة القلوب بذكر الله تعالى … وفي هذا الإخبار حض وترغيب في الإيمان ، والمعنى : أن بهذا تقع الطمأنينة لا بالآيات المقترحة ، بل ربما كفر بعدها ، فنزل العذاب كما سلف في بعض الأمم . و { الذين } الثاني ابتداء وخبره : { طوبى لهم } ويصح أن يكون { الذين } بدلاً من الأول . و { طوبى } ابتداء و { لهم } خبره . و { طوبى } اسم ، يدل على ذلك كونه ابتداء . وهي فعلى من الطيب في قول بعضهم ، وذهب سيبويه بها مذهب الدعاء وقال : هي في موضع رفع ، ويدل على ذلك رفع { وحسن } . وقال ثعلب : { طوبى } مصدر . وقرىء " وحسنَ " بالنصب فـ { طوبى } على هذا مصدر كما قالوا : سقياً لك ، ونظيره من المصادر الرجعى والعقبى . قال ابن سيده : والطوبى جمع طيبة عن كراع . ونظيره كوسى في جمع كيسة وضوفى في جمع ضيفة . قال القاضي أبو محمد : والذي قرأ : " وحسنَ " بالنصب هو يحيى بن يعمر وابن أبي عبلة واختلف في معنى { طوبى } فقيل : خير لهم ، وقال عكرمة : معناه نعم ما لهم ، وقال الضحاك : معناه : غبطة لهم . وقال ابن عباس : { طوبى } : اسم الجنة بالحبشية ، وقال سعيد بن مسجوع : اسم الجنة { طوبى } بالهندية ، وقيل { طوبى } : اسم شجرة في الجنة - وبهذا تواترت الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى شجرة في الجنة ، يسير الراكب المجدّ في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرؤوا إن شئتم " { وظل ممدود } [ الواقعة : 30 ] وحكى الطبري عن أبي هريرة وعن مغيث بن سميّ وعتبة بن عبد يرفعه أخباراً مقتضاها : أن هذه الشجرة ليس دار في الجنة إلا وفيها من أغصانها ، وأنها تثمر بثياب أهل الجنة ، وأنه يخرج منها الخيل بسروجها ولجمها ونحو هذا مما لم يثبت سنده . و " المآب " : المرجع من آب يؤوب . ويقال في { طوبى } طيبى .