Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 63-74)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقف تعالى الكفار على أمر الزرع الذي هو قوام العيش ، وبين لكل مفطور أن الحراث الذي يثير الأرض ويفرق الحب ليس يفعل في نبات الزرع شيء ، وقد يسمى الإنسان زارعاً ، ومنه قوله عز وجل : { يعجب الزراع } [ الفتح : 29 ] لكن معنى هذه الآية : { أأنتم تزرعونه } زرعاً يتم { أم نحن } . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تقولن زرعت ، ولكن قل حرثت " ، ثم تلا أبو هريرة هذه الآية . والحطام : اليابس المتفتت من النبات الصائر إلى ذهاب ، وبه شبه حطام الدنيا . وقيل المعنى : نبتاً لا قمح فيه و : { تفكهون } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة معناه : تعجبون ، وقال عكرمة : تلامون . وقال الحسن معناه : تندمون وقال ابن زيد : تتفجهون ، وهذا كله تفسير لا يخص اللفظة ، والذي يخص اللفظ ، هو : تطرحون الفاكهة عن أنفسكم وهي المسرة والجدل ، ورجل فكه إذا كان منبسط النفس غير مكترث بالشيء ، وتفكه من أخوات تحرج وتحوب . وقرأ الجمهور : " فظَلتم " بفتح الظاء ، وروى سفيان الثوري في قراءة عبد الله كسر الظاء . قال أبو حاتم : طرحت عليها حركة اللام المجزومة ، وذلك رديء في القياس ، وهي قراءة أبو حيوة . وروى أحمد بن موسى : " فظلَلتم " بلامين ، الأولى مفتوحة عن الجحدري ، ورويت عن ابن مسعود ، بكسر اللام الأولى . وقوله : { إنا لمغرمون } قبله حذف تقديره : يقولون . وقرأ الأعمش وعاصم الجحدري : " أإنا لمغرمون " بهمزتين على الاستفهام ، والمعنى يحتمل أن يكون إنا لمعذبون من الغرام وهو أشد العذاب ومنه قوله تعالى : { إن عذابها كان غراماً } [ الفرقان : 65 ] ومنه قول الأعشى : [ الخفيف ] @ إن يعذّب يكنْ غراماً وإنْ يُعْـ ـطِ جزيلاً فإنه لا يبالي @@ ويحتمل أن يكون : إنا لمحملون الغرم أي غرمنا في النفقة وذهب زرعنا ، تقول : غرم الرجل وأغرمته فهو مغرم . وقد تقدم تفسير المحروم وأنه المحدود والمحارب . و : { المزن } السحاب بلا خلاف ، ومنه قول الشاعر " السموأل بن عاديا اليهودي ] : [ الطويل ] @ ونحن كماء المزن ما في نصابنا كهام ولا فينا يعد بخيل @@ والأجاج : أشد المياه ملوحة ، وهو ماء البحر الأخضر . و : { تورون } معناه : تقتدحون من الأزند ، تقول أوريت النار من الزناد . وروى الزناد نفسه ، والزناد قد يكون من حجرين ومن حجر وحديدة ومن شجر ، لا سيما في بلاد العرب ، ولا سيما في الشجر الرخو كالمرخ والعفار والكلح وما أشبهه ، ولعادة العرب في أزنادهم من شجر ، قال تعالى : { أأنتم أنشأتم شجرتها } وقال بعض أهل النظر : أراد بالشجرة نفس النار ، وكأنه يقول نوعها أو جنسها فاستعار الشجرة لذلك . قال القاضي أبو محمد : وهذا قول فيه تكلف . وقرأ الجمهور : " آنتم " بالمد ، وروي عن أبي عمرو وعيسى : " أنتم " بغير مد ، وضعفها أبو حاتم . و : { تذكرة } معناه : تذكر نار جهنم ، قاله مجاهد وقتادة . والمتاع : ما ينتفع به . والمقوي في هذه الآية : الكائن في الأرض القواء وهي الفيافي ، وعبر الناس في تفسير { المقوين } بأشياء ضعيفة ، كقول ابن زيد للجائعين ونحوه . ولا يقوى منها ما ذكرناه ، ومن قال معناه : للمسافرين ، فهو نحو ما قلناه ، وهي عبارة ابن عباس رضي الله عنه تقول : أصبح الرجل ، دخل في الصباح . وأصحر دخل في الصحراء ، وأقوى دخل في الأرض القواء ، ومنه أقوت الدار ، وأقوى الطلل : أي صار قواء ، ومنه قول النابغة : [ البسيط ] @ أقوتْ وطال عليها سالفُ الأبدِ @@ وقول الآخر : [ الكامل ] @ أقوى وأقفر بعد أمّ الهيثم @@ والفقير والغني إذا أقوى سواء في الحاجة إلى النار ، ولا شيء يغني غناءها في الصرد ، ومن قال : إن أقوى من الأضداد من حيث يقال : أقوى الرجل إذا قويت دابته فقد أخطأ وذلك فعل آخر كأترب إذا أترب ، ثم أمر نبيه بتنزيه ربه تعالى وتبرئة أسمائه العلى عما يقوله الكفرة الذين حجوا في هذه الآيات .