Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 7-13)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وصف الله تعالى حال الأبرار أنهم كانوا { يوفون بالنذر } ، أي بكل ما نذروه وأعطوا به عهداً ، يقال وفى الرجل وأوفى ، و " اليوم " المشار إليه يوم القيامة ، و { مستطيراً } معناه متصلاً شائعاً كاستطارة الفجر والصدع في الزجاجة ، وبه شبه في القلب ، ومن ذلك قول الأعشى : [ المتقارب ] @ فبانت وقد أسأرت في الفؤاد صدعاً على نأيها مستطيرا @@ وقول ذي الرمة : [ الوافر ] @ أراد الظاعنون لحيزنوني فهاجوا صدع قلبي فاستطاروا @@ وقوله تعالى : { على حبه } يحتمل أن يعود الضمير على الطعام ، أي وهو محبوب للفاقة والحاجة ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد ويحتمل أن يعود على الله تعالى أي لوجهه وابتغاء مرضاته ، قاله أبو سليمان الدراني . والأول أمدح لهم لأن فيه الإيثار على النفس . وعلى الاحتمال الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر ، وقال الحسين بن الفضل : الضمير عائد على الإطعام ، أي محبين في فعلهم ذلك لا رياء فيه ولا تكلف ، و " المسكين " الطواف المتكشف في السؤال ، و " اليتيم " الصبي الذي لا أب له من الناس . والذي لا أم له من البهائم وهي صفة قبل البلوغ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يتم بعد حلم " و " الأسير " معروف ، فقال قتادة : أراد أسرى الكفار وإن كانوا على غير الإسلام ، وقال الحسن : ما كان أسراهم إلا مشركين ، لأن كل كبد رطبة ففيها أجر . وقال بعض العلماء : هذا إما نسخ بآية السيف وإما أنه محكم لتحفظ حياة الأسير إلى أن يرى الإمام فيه ما يرى ، وقال مجاهد وابن جبير وعطاء : أراد المسجونين من الناس ، ولهذا يحض على صدقة السجن ، فهذا تشبيه ، ومن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا يؤسر أحد في الإسلام بغير العدول . وروى الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الأسير هنا بالمملوك والمسجون ، وقال : أراد أسرى المسلمين الذين تركوا في بلاد الحرب رهائن وخرجوا في طلب الفداء ، وقال أبو حمزة الثمالي : الأسير هنا المرأة ، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوانٍ عندكم " ، وقوله تعالى : { إنما نطعمكم لوجه الله } المعنى يقولون لهم عند الإطعام ، وهذا إما أن يكون المطعم يقول ذلك نصاً فحكي ذلك . وإما أن يكون ذلك مما يقال في الأنفس وبالنية فمدح بذلك ، هذا هو تأويل ابن مجاهد وابن جبير ، وقرأ أبو عمرو في رواية عباس بجزم الميم من " نطعمْكم " ، قال أبو علي أسكن تخفيفاً ، و " الشكور " : مصدر الشكر ، ووصف اليوم بعبوس هو على التجوز ، كما تقول ليل نائم أي فيه نوم ، و " القمطرير " والقماطر : هو في معنى العبوس والارتداد ، تقول اقمطر الرجل إذا جمع ما بين عينيه غضباً ، ومنه قول الشاعر [ القرطبي ] : [ الطويل ] @ بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطر @@ وقال آخرون : @ ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ولج بها اليوم العبوس القماطر @@ وقال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران . وعبر ابن عباس عن " القمطرير " بالطويل . وعبر عنه ابن الكلبي بالشديد ، وذلك كله قريب في المعنى . وقرأ الجمهور " فوقَاهم " بتخفيف القاف . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع " فوقّاهم " بشد القاف . و " النضرة " جمال البشرة ، وذلك لا يكون إلا مع فرح النفس وقرة العين ، وقرأ علي بن أبي طالب " وجازاهم " بألف ، وقوله { بما صبروا } عام عن الشهوات وعلى الطاعات والشدائد ، ففي هذا يدخل كل ما خصص الناس من صوم وفقر ونحوه و { متكئين } حال من الضمير المنصوب في { جزاهم } وهو الهاء والميم ، وقرأ أبو جعفر وشيبة " متكيين " بغير همز ، و { الأرائك } السرر المستورة بالحجال ، هذا شرط لبعض اللغويين ، وقال بعض اللغويين : كل ما يتوسد ويفترش مما له حشو فهو أريكة وإن لم يكن في حجلة ، وقوله تعالى : { لا يرون فيها } الآية عبارة عن اعتدال مس هوائها وذهاب ضرري الحر والقر عنها ، وكون هوائها سجسجاً كما في الحديث المأثور ومس الشمس وهو أشد الحر ، و " الزمهرير " : هو أشد البرد ، وقال ثعلب : " الزمهرير " بلغة طّيىء القمر .