Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 2-3)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أكان للناس عجباً } سبب نزولها : أن الله تعالى لما بعث محمداً صلى الله عليه وسلم أنكرت الكفار ذلك ، وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد ، فنزلت هذه الآية . والمراد بالناس هاهنا : أهل مكة ، والمراد بالرجُل : محمد صلى الله عليه وسلم . ومعنى { منهم } : يعرفون نسبه ، قاله ابن عباس ، فأما الألِف فهي للتوبيخ والإِنكار . قال ابن الأنباري : والاحتجاج عليهم في كونهم عجبوا من إِرسال محمد ، محذوف هاهنا ، وهو مبيَّن في قوله : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم } [ الزخرف 32 ] ، أي : فكما وضح لكم هذا التفاضل بالمشاهدة ، فلا تنكروا تفضيل الله مَنْ شاء بالنبوة ؛ وإنما حذفه هاهنا اعتماداً على ما بيَّنه في موضع آخر . قال : وقيل : إِنما عجبوا من ذكر البعث والنشور ، لأن الإِنذار والتبشير يتصلان بهما ، فكان جوابهم في مواضع كثيرة تدل على كون ذلك ، مثل قوله : { وهو أهون عليه } [ الروم : 27 ] ، وقوله : { يحييها الذي أنشأها أول مرة } [ يس : 79 ] . وفي المراد بقوله : { قَدَم صدق } سبعة أقوال : أحدها : أنه الثواب الحسن بما قدَّموا من أعمالهم ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وروى عنه أبو صالح قال : عمل صالح يَقْدمون عليه . والثاني : أنه ما سبق لهم من السعادة في الذِّكر الأول ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . قال أبو عبيدة : سابقة صدق . والثالث : شفيع صدق ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم يوم القيامة ، قاله الحسن . والرابع : سَلَفُ صدق تقدّموهم بالإِيمان ، قاله مجاهد ، وقتادة . والخامس : مقام صدق لا زوال عنه ، قاله عطاء . والسادس : أن قدم الصِّدق : المنزلة الرفيعة ، قاله الزجاج . والسابع : أن القدم هاهنا : مصيبة المسلمين بنبيِّهم صلى الله عليه وسلم وما يلحقهم من ثواب الله عند أسفهم على فقده ومحبتهم لمشاهدته ، ذكره ابن الأنباري . فإن قيل : لِم آثر القَدَم هاهنا على اليد ، والعرب تستعمل اليد في موضع الإِحسان ؟ فالجواب : أن القدم ذكرت هاهنا للتقدم ، لأن العادة جارية بتقدُّم الساعي على قدميه ، والعرب تجعلها كناية عن العمل الذي يُتقدَّم فيه ولا يقع فيه تأخُّر ، قال ذو الرمة : @ لكم قَدَمٌ لا يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّها مع الحَسَب العادِيّ طَمَّتْ على البحر @@ فإن قيل : ما وجه إِضافة القدم إِلى الصدق ؟ فالجواب : أن ذلك مدح للقدم ، وكل شيء أضفته إِلى الصدق ، فقد مدحته ؛ ومثله : { أدخلني مُدْخَل صدق وأخرجْني مخرج صدق } [ الاسراء : 80 ] ، وقوله : { في مقعد صدق } [ القمر : 55 ] . وفي الكلام محذوف ، تقديره : أوحينا إِلى رجل منهم ، فلما أتاهم الوحي { قال الكافرون إِن هذا لسحر مبين } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « لَساحر » بألف . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : « لَسحر » بغير ألف . قال أبو علي : قد تقدم قوله : { أن أوحينا إِلى رجل منهم } فمن قال : ساحر ، أراد الرجل ؛ ومن قال : سحر ، أراد الذي أُوحي ، سحر ، أي : الذي تقولون أنتم فيه : إِنه وحي ، سحر . قال الزجاج : لما أنذرهم بالبعث والنشور ، فقالوا : هذا سحر ، أخبرهم أن الذي خلق السموات والأرض قادر على بعثهم بقوله : { إن ربكم الله } وقد سبق تفسيره في [ الأعراف : 54 ] . قوله تعالى : { يدبِّر الأمر } قال مجاهد : يقضيه . وقال غيره : يأمر به ويمضيه . قوله تعالى : { مامن شفيع إِلا من بعد إِذنه } فيه قولان : أحدهما : لا يشفع أحد إِلا أن يأذن له ، قاله ابن عباس . قال الزجاج : لم يَجْرِ للشفيع ذِكر قبل هذا ، ولكنَّ الذين خوطبوا كانوا يقولون : الأصنام شفعاؤنا . والثاني : أن المعنى : لا ثانيَ معه ، مأخوذ من الشَّفْع ، لأنه لم يكن معه أحد ، ثم خلق الأشياء . فقوله : { إِلا من بعد إِذنه } أي : من بعد أمره أن يكون الخلق فكان ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { فاعبدوه } قال مقاتل : وحِّدوه . وقال الزجاج : المعنى : فاعبدوه وحده . وقوله : { تذكَّرون } معناه : تتَّعظون .