Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 83-92)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فما آمن لموسى إِلا ذرية } في المراد بالذرّية هاهنا ثلاثة أقوال : أحدها : أن المراد بالذرّية : القليل ، قاله ابن عباس . والثاني : أنهم أولاد الذين أُرسل إِليهم موسى ، مات آباؤهم لطول الزمان ، وآمنوا هم ، قاله مجاهد . وقال ابن زيد : هم الذين نشؤوا مع موسى حين كفَّ فرعون عن ذبح الغلمان . قال ابن الأنباري : وإِنما قيل لهؤلاء : « ذرية » لأنهم أولاد الذين بُعث إِليهم موسى ، وإِن كانوا بالغين . والثالث : أنهم قوم ، أُمهاتهم من بني إِسرائيل ، وآباؤهم من القبط ، قاله مقاتل ، واختاره الفراء . قال : وإِنما سُمُّوا ذريةً كما قيل لأولاد فارس : الأبناء ، لأن أُمهاتهم من غير جنس آبائهم . وفي هاء « قومه » قولان : أحدهما : أنها تعود إِلى موسى ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : إِلى فرعون ، رواه أبو صالح عن ابن عباس فعلى القول الأول يكون قوله : { على خوفٍ من فرعونَ وملئهم } أي : وملأ فرعون . قال الفراء : وإِنما قال : « وملئهم » بالجمع ، وفرعون واحد ، لأن الملك إذا ذُكر ذهب الوهم إِليه وإِلى من معه ، تقول : قدم الخليفة فكثر الناس ، تريد : بمن معه . وقد يجوز أن يريد بفرعون : آل فرعون ، كقوله : { واسأل القرية } [ يوسف : 82 ] . وعلى القول الثاني : يرجع ذِكر الملأ إِلى الذرية . قال ابن جرير : وهذا أصح ، لأنه كان في الذرِّيةَ من أبوه قبطي وأُمُّه إِسرائيلية ، فهو مع فرعون على موسى . قوله تعالى : { أن يفتِنهم } يعني فرعون ، ولم يقل : يفتنوهم ، لأن قومه كانوا على مَن كان عليه . وفي هذه الفتنة قولان : أحدهما : أنها القتل ، قاله ابن عباس . والثاني : التعذيب ، قاله ابن جرير . قوله تعالى : { وإِن فرعون لعالٍ في الأرض } قال ابن عباس : متطاول في أرض مصر { وإِنَّه لمن المسرفين } حين كان عبداً فادّعى الربوبيَّة . قوله تعالى : { إِن كنتم آمنتم بالله فعليه توكَّلوا } لما شكا بنوا إِسرائيل إِلى موسى ما يهددّهم به فرعون من ذبح أولادهم ، واستحياء نسائهم ، قال لهم هذا . وفي قوله : { لا تجعلنا فتنة } ثلاثة أقوال : أحدها : لا تهلكنا بعذاب على أيدي قوم فرعون ، ولا بعذاب من قِبَلك ، فيقول قوم فرعون : لو كانوا على حق ما عُذّبِوا ولا سُلِّطْنا عليهم . والثاني : لا تسلِّطهم علينا فيفتنونا ، والقولان مرويان عن مجاهد . والثالث : لا تسلِّطهم علينا فيفتتنون بنا ، لظنهم أنهم على حق ، قاله أبو الضحى ، وأبو مجلز . قوله تعالى : { أن تبوَّآ لقومكما بمصر بيوتاً } قال المفسرون : لما أُرسل موسى ، أَمر فرعونُ بمساجد بني إِسرائيل فخُرِّبت كلُّها ، ومُنعوا من الصلاة ، وكانوا لا يصلُّون إِلا في الكنائس ؛ فأُمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم ويصلُّون فيها خوفاً من فرعون . و « تبوَّآ » معناه : اتخِذا ، وقد شرحناه في [ الأعراف : 74 ] . وفي المراد بمصر قولان : أحدهما : أنه البلد المعروف بمصر ، قاله الضحاك . والثاني : أنه الاسكندرية ، قاله مجاهد . وفي البيوت قولان : أحدهما : أنها المساجد ، قاله الضحاك ، والثاني : القصور ، قاله مجاهد . وفي قوله : { واجعلوا بيوتكم قبلة } أربعة أقوال : أحدها : اجعلوها مساجد ، رواه مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك عن ابن عباس ، وبه قال النخعي ، وابن زيد . وقد ذكرنا أن فرعون أمر بهدم مساجدهم ، فقيل لهم : اجعلوا بيوتكم قبلة بدلا من المساجد . والثاني : اجعلوها قِبَل القبلة ، رواه العوفي عن ابن عباس . وروى الضحاك عن ابن عباس ، قال : قِبَل مكة . وقال مجاهد : أُمروا أن يجعلوها مستقبلة الكعبة ، وبه قال مقاتل ، وقتادة ، والفراء . والثالث : اجعلوها يقابل بعضها بعضاً ، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً ، وبه قال سعيد بن جبير . والرابع : واجعلوا بيوتكم التي بالشام قبلةً لكم في الصلاة ، فهي قبلة اليهود إِلى اليوم ، قاله ابن بحر . فإن قيل : البيوت جمع ، فكيف قال « قبلة » على التوحيد ؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري ، فقال : من قال : المراد بالقبلة الكعبة ، قال : وحِّدت القبلة لتوحيد الكعبة . قال : ويجوز أن يكون أراد : اجعلوا بيوتكم قِبَلاً ، فاكتفى بالواحد عن الجمع ، كما قال العباس بن مرداس : @ فقلنا أسْلِمُوا إِنّا أخوكم فقد برئت من الإِحن الصُّدورُ @@ يريد : إِنا إِخوتكم . ويجوز أن يكون وحّد « قبلة » لانه أجراها مجرى المصدر ، فيكون المعنى : واجعلوا بيوتكم إِقبالاً على الله ، وقصداً لما كنتم تستعملونه في المساجد . ويجوز أن يكون وحَّدها ، والمعنى : واجعلوا بيوتكم شيئاً قبلة ، ومكاناً قبلة ، ومحلة قبلة . قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة } قال ابن عباس : أتموا الصلاة { وبشر المؤمنين } أنت يا محمد . قال سعيد بن جبير : بشِّرهم بالنصر في الدنيا ، وبالجنة في الآخرة . قوله تعالى : { ربنا إِنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً } قال ابن عباس : كان لهم من لدن فسطاط مصر إِلى أرض الحبشة جبال فيها معادن ذهب وفضة وزبرجد وياقوت . قوله تعالى : { ليَضلُّوا عن سبيلك } وفي لام « ليَضِلُّوا » أربعة أقوال : أحدها : أنها لام « كي » والمعنى : آتيتهم ذلك كي يضلوا ، وهذا قول الفراء . والثاني : أنها لام العاقبة ، والمعنى إِنك آتيتهم ذلك فأصارهم إِلى الضلال ، ومثله قوله : { ليكون لهم عدوَّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] أي : آل أمرهم إِلى أن صار لهم عدواً ، لا أنهم قصدوا ذلك ، وهذا كما تقول للذي كسب مالاً فأدَّاه إِلى الهلاك : إِنما كسب فلان لحتفه ، وهو لم يكسب المال طلباً للحتف ، وأنشدوا : @ وللمنايا تُربِّي كلُّ مُرْضِعَةٍ وللخراب يُجِدُّ الناسُ عمرانا @@ وقال آخر : @ وللموتِ تغذُو الوالداتُ سِخالَها كما لخراب الدُّور تُبنى المساكِنُ @@ وقال آخر : @ فإن يكُنِ الموتُ أفناهم فللموت ما تَلِدُ الوالده @@ أراد : عاقبة الأمر ومصيره إِلى ذلك ، هذا قول الزجاج . والثالث : أنها لام الدعاء ، والمعنى : ربنا ابتلهم بالضلال عن سبيلك ، ذكره ابن الأنباري . والرابع : أنها لام أجْل ، فالمعنى : آتيتهم لأجل ضلالتهم عقوبةً منك لهم ، ومثله قوله : { سيحلفون بالله لكم إِذا انقلبتم إِليهم لتُعرضوا عنهم } [ التوبة : 95 ] أي : لأجل إِعراضكم ، حكاه بعض المفسرين . وقرأ أهل الكوفة إِلا المفضل ، وزيد ، وأبو حاتم عن يعقوب « ليُضِلُّوا » بضم الياء ، أي ليُضلُّوا غيرهم . قوله تعالى : { ربنا اطمس } روى الحلبي عن عبد الوارث : « اطمُس » بضم الميم ، { على أموالهم } وفيه قولان : أحدهما : أنها جُعلت حجارة ، رواه مجاهد عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والضحاك ، وأبو صالح ، والفراء . وقال القرظي : جُعِل سُكَّرهُم حجارة . وقال ابن زيد : صار ذهبهم ودراهمهم وعدسهم وكل شيء لهم حجارة . وقال مجاهد : مسخ الله النخل والثمار والأطعمة حجارة ، فكانت إِحدى الآيات التسع . وقال الزجاج : تطميس الشيء : إِذهابه عن صورته والانتفاعِ به على الحال الأولى التي كان عليها . والثاني : أنها هلكت ، فالمعنى : أهلكْ أموالهم ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، ومنه يقال : طُمست عينه ، أي : ذهبتْ ، وطُمس الطريق : إِذا عفا ودرس . وفي قوله : { واشدد على قلوبهم } أربعة أقوال : أحدها : اطبع عليها ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل ، والفراء ، والزجاج . والثاني : أهلكهم كفاراً ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك . والثالث : اشدد عليها بالضلالة ، قاله مجاهد . والرابع : أن معناه قسِّ قلوبهم ، قاله ابن قتيبة . قوله تعالى : { فلا يؤمنوا } فيه قولان : أحدهما : أنه دُعَاءٌ عليهم أيضاً ، كأنه قال : اللهم فلا يؤمنوا ، قاله الفراء ، وأبو عبيدة ، والزجاج . وقال ابن الأنباري : معناه : فلا آمنوا ، قال الأعشى : @ فلا ينْبَسِطْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ ما انْزَوى ولا تَلْقني إِلاّ وأنفُكَ راغِمُ @@ معناه : لا أنبسط ، ولا لقيتني . والثاني : أنه عطف على قوله : { ليَضلُّوا عن سبيلك } ، فالمعنى : أنك آتيتهم ليَضلُّوا فلا يؤمنوا ، حكاه الزجاج عن المبرِّد . قوله تعالى : { حتى يروا العذاب الأليم } قال ابن عباس : هو الغرق ، وكان موسى يدعو ، وهارون يؤمِّن ، فقال الله تعالى : { قد أُجيبتْ دعوتُكما } ، وكان بين الدعاء والإِجابة أربعون سنة . فان قيل : كيف قال : { دعوتكما } وهما دعوتان ؟ فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها : أن الدعوة تقع على دعوتين وعلى دَعَواتٍ وكلامٍ يطول كما بيَّنَّا في [ الأعراف : 158 ] أن الكلمة تقع على كلمات ، قال الشاعر : @ وكان دعا دعوةً قومَه هلمَّ إِلى أمركم قد صُرِم @@ فأوقع « دعوة » على ألفاظ بيَّنها آخر بيته . والثاني : أن يكون المعنى : قد أُجيبت دعواتكما ، فاكتفى بالواحد من ذِكر الجميع ، ذكر الجوابين ابن الأنباري . وقد روى حماد بن سلمة عن عاصم أنه قرأ « دَعَواتُكما » بالألف وفتح العين . والثالث : أن موسى هو الذي دعا ، فالدعوة له ، غير أنه لما أمَّن هارون ، أُشرك بينهما في الدعوة ، لأن التأمين على الدعوة منها . وفي قوله : { فاستقيما } أَربعة أقوال : أحدها : فاستقيما على الرسالة وما أمرتكما به ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : فاستقيما على دعاء فرعون وقومه إِلى طاعة الله ، قاله ابن جرير . والثالث : فاستقيما في دعائكما على فرعون وقومه . والرابع : فاستقيما على ديني ، ذكرهما أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { ولا تتبعانِّ } قرأ الأكثرون بتشديد تاء « تتَّبعانِّ » . وقرأ ابن عامر بتخفيفها مع الاتفاق على تشديد نون « تَتَّبعانّ » ، إِلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكِّدة ، وكُسرت لسكونها وسكون النون التي قبلها ، واختير لها الكسر لأنها بعد الألف ، فشُبهت بنون الاثنين . قال أبو علي : ومن خفض النون أمكن أن يكون خفف النون الثقيلة ، فإن شئت كان على لفظ الخبر ، والمعنى الأمر ، كقوله : { يتربَّصْنَ بأنفسهن } [ البقرة : 228 و 234 ] و { لاتضارَّ والدة } [ البقرة : 233 ] أي : لا ينبغي ذلك ، وإِن شئت جعلته حالاً من قوله : { فاستقيما } تقديره : استقيما غير متَّبِعَين . وفي المراد بسبيل الذين لا يعلمون قولان : أحدهما : أنهم فرعون وقومه ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : الذين يستعجلون القضاء قبل مجيئه ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . فإن قيل : كيف جاز أن يدعوَ موسى على قومه ؟ فالجواب : أن بعضهم يقول : كان ذلك بوحي ، وهو قول صحيح ، لأنه لا يُظن بنبيّ أن يُقدِم على مثل ذلك إِلا عن إِذن من الله عز وجل ، لأن دعاءه سبب للانتقام . قوله تعالى : { فأتبعهم فرعون وجنوده } قال أبو عبيدة : أتبعهم وتبعهم سواء . وقال ابن قتيبة : أتبعهم : لحقهم . { بغياً وعَدْواً } أي : ظلماً . وقرأ الحسن { فاتَّبعهم } بالتشديد ، وكذلك شددوا { وعُدُوّاً } مع ضم العين . قوله تعالى : { حتى إِذا أدركه الغرق قال آمنت أنه } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر « أنه » بفتح الألف ، والمعنى : آمنت بأنه ، فلما حُذف حرف الجر ، وصل الفعلُ إِلى « أنَّ » فنُصب . وقرأ حمزة والكسائي « إِنه » بكسر الألف ، فحملوه على القول المضمر ، كأنه قال : آمنت ، فقلت : إِنه . قال ابن عباس : لم يقبل الله إِيمانه عند رؤية العذاب . قال ابن الأنباري : جنح فرعون إِلى التوبة حين أُغلق بابها لحضور الموت ومعاينة الملائكة ، فقيل له : { آلآن } أي : الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها ، وكنت من المفسدين بالدعاء إِلى عبادة غير الله عز وجل ؟ والمخاطِب له بهذا كان جبريل . وجاء في الحديث أن جبريل جعل يدسُّ الطين في فم فرعون خشية أن يُغفرَ له . قال الضحاك ابن قيس : اذكروا الله في الرَّخاء يذكرْكم في الشدة ، إِن يونس عليه السلام كان عبداً صالحاً ، وكان يذكر الله ، فلما وقع في بطن الحوت سأل الله ، فقال الله : { فلولا أنَّه كان من المسبِّحين للبث في بطنه إِلى يوم يبعثون } [ الصافات : 143 ] ، وإِن فرعون كان عبداً طاغياً ناسياً لذِكر الله تعالى ، فلما أدركه الغرق قال : آمنت ، فقال الله : { آلآن وقد عصيت قبلُ } . قوله تعالى : { فاليوم ننجِّيك } وقرأ يعقوب « نُنْجيك » مخففة . قال اللغويون ، منهم يونس وأبو عبيدة ، نُلقيك على نجوة من الأرض ، أي ارتفاع ، ليصير عَلَماً أنه قد غرق . وقرأ ابن السميفع « ننحِّيك » بحاء . وفي سبب إِخراجه من البحر بعد غرقه ثلاثة أقوال : أحدها : أن موسى وأصحابه لما خرجوا ، قال من بقي من المدائن من قوم فرعون : ما أُغرق فرعون ، ولكنه هو وأصحابه يتصيدون في جزائر البحر ، فأوحى الله إِلى البحر أن الفظ فرعون عرياناً ، فكانت نجاةَ عِبرةٍ ، وأوحى الله تعالى إِلى البحر : أن الفظ ما فيك ، فلفظهم البحر بالساحل ، ولم يكن يلفظ غريقاً ، فصار لا يقبل غريقاً إِلى يوم القيامة ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : أن أصحاب موسى قالوا : إِنا نخاف أن يكون فرعون ما غرق ، ولا نؤمن بهلاكه ، فدعا موسى ربه ، فأخرجه حتى أيقنوا بهلاكه ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وإِلى نحوه ذهب قيس بن عُبَاد ، وعبد الله بن شداد ، والسدي ، ومقاتل . وقال السدي : لما قال بنو إِسرائيل : لم يغرق فرعون ، دعا موسى ، فخرج فرعون في ستمائة ألف وعشرين ألفاً عليهم الحديد ، فأخذته بنو إِسرائيل يمثِّلون به . وذكر غيره أنه إِنما أخرج من البحر وحده دون أصحابه . وقال ابن جريج : كذَّب بعض بني إِسرائيل بغرقه ، فرمى به البحر على ساحل البحر حتى رآه بنو إِسرائيل قُصَيِّراً أحمر كأنه ثور . وقال أبو سليمان : عرفه بنو إِسرائيل بدرع كان له من لؤلؤ لم يكن لأحد مثلها . فأما وجهه فقد غيَّره سخط الله تعالى . والثالث : أنه كان يدَّعي أنه ربٌّ ، وكان يعبده قوم ، فبيَّن الله تعالى أمره ، فأغرقه وأصحابه ، ثم أخرجه من بينهم ، قاله الزجاج . وفي قوله : { ببدنك } أربعة أقوال : أحدها : بجسدك من غير روح ، قاله مجاهد . وذِكر البدن دليل على عدم الروح . والثاني : بدرعك ، قاله أبو صخر . وقد ذكرنا أنه كانت له درع من لؤلؤ ، وقيل : من ذهب ، فعُرِف بدرعه . والثالث : نلقيك عرياناً ، قاله الزجاج . والرابع : ننجِّيك وحدك ، قاله ابن قتيبة . وفي قوله : { لتكون لمن خلفك آية } ثلاثة أقوال : أحدها : لتكون لمن بعدك في النكال آية لئلا يقولوا مثل مقالتك ، فإنك لو كنت إِلهاً ما غرقت ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . قال أبو عبيدة : « خلفك » بمعنى بعدك ، والآية : العلامة . والثاني : لتكون لبني إِسرائيل آية ، قاله السدي . والثالث : لمن تخلّف من قومه ، لأنهم أنكروا غرقه على ما ذكرنا في أول الآية ، فخرج في معنى الآية قولان : أحدهما : عبرة للناس . والثاني : علامة تدل على غرقه . وقال الزجاج : الآية أنه كان يدَّعي أنه ربٌّ ، فبان أمره ، وأخرج من بين أصحابه لما غرقوا . وقرأ ابن السميفع ، وابو المتوكل ، وأبو الجوزاء { لمن خلقك } بالقاف .