Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 25-29)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولقد ارسلنا نوحاً إِلى قومه أني } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي « أني » بفتح الألف ، والتقدير : أرسلناه بأني ، وكأن الوجه بأنه لهم نذير ، ولكنه على الرجوع من الإِخبار عن الغائب إِلى خطاب نوح قومه . وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة « إِني » بكسر الألف ، فحملوه على القول المضمر ، والتقدير : فقال لهم : إِني لكم نذير . قوله تعالى : { ما نراك إِلا بشراً مثلنا } أي : إِنساناً مثلنا ، لا فضل لك علينا . فأما الأراذل ، فقال ابن عباس : هم السَّفَلة . وقال ابن قتيبة : هم جمع « أرذل » ، يقال : رجل رَذْل ، وقد رَذُل رذالة ورُذُولة . ومعنى الأراذل : الشرار . قوله تعالى : { بادي الرأي } قرأ الأكثرون « بادِيَ » بغير همز . وقرأ أبو عمرو بالهمز بعد الدال . وكلهم همز « الرأي » غير أبي عمرو . وللعلماء في معنى « بادي » إذا لم يُهمز ثلاثة أقوال : أحدها : أن المعنى : ما نرى أتباعك إِلا سفلتنا وأرذالنا في بادي الرأي لكل ناظر ، يعنون أن ما وصفناهم به من النقص لا يخفى على أحد فيخالفنا ، هذا مذهب مقاتل في آخرين . والثاني : أن المعنى أن هؤلاء القوم اتَّبعوك في ظاهر ما يُرى منهم ، وطويَّتُهم على خلافك . والثالث : أن المعنى : اتبعوك في ظاهر رأيهم ، ولم يتدبروا ما قلتَ ، ولو رجعوا إِلى التفكر لم يتبعوك ، ذكر هذين القولين الزجاج . قال ابن الأنباري : وهذه الثلاثة الأقوال على قراءة من لم يهمز ، لأنه مِن بدا ، يبدو : إِذا ظهر . فأما من همز « بادىء » فمعناه : ابتداء الرأي ، أي : اتَّبعوك أول ما ابتدؤوا ينظرون ، ولو فكروا لم يعدلوا عن موافقتنا في تكذيبك . قوله تعالى : { وما نرى لكم علينا من فضل } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : من فضل في الخلق ، قاله ابن عباس . والثاني : في الملك والمال ونحو ذلك ، قاله مقاتل . والثالث : ما فُضِّلتم باتِّباعكم نوحاً ، ومخالفتكم لنا بفضيلة نتبعكم طلبا لها ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { بل نظنكم كاذبين } فيه قولان : أحدهما : نتيقنكم ، قاله الكلبي . والثاني : نحسبكم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { أرأيتم إِن كنت على بينة من ربي } أي : على يقين وبصيرة . قال ابن الأنباري : وقوله : « إِن كنت » شرط لا يوجب شكّاً يلحقه ، لكن الشك يلحق المخاطَبين من أهل الزيغ ، فتقديره : إِن كنتُ على بينة من ربي عندكم . { وآتاني رحمة من عنده } فيها قولان . أحدهما : أنها النبوَّة ، قاله ابن عباس . والثاني : الهداية ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { فعُمِّيت عليكم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : « فَعَمِيَتْ » بتخفيف الميم وفتح العين . قال ابن قتيبة : والمعنى : عميتم عنها ، يقال : عمي عليَّ هذا الأمر : إِذا لم أفهمه ، وعميت عنه بمعنى . قال الفراء : وهذا مما حوَّلت العرب الفعل إِليه ، وهو في الأصل لغيره ، كقولهم : دخل الخاتم في يدي ، والخف في رجلي ، وإِنما الإِصبع تدخل في الخاتم ، والرجل في الخف ، واستجازوا ذلك إِذ كان المعنى معروفاً . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : « فعُمِّيَتْ » بضم العين وتشديد الميم . قال ابن الأنباري : ومعنى ذلك : فعمّاها الله عليكم إِذ كنتم ممن حُكم عليه بالشقاء . وكذلك قرأ أُبَيّ بن كعب ، والأعمش : « فعمّاها عليكم » وفي المشار إليها قولان : أحدهما : البيِّنة . والثاني : الرحمة . قوله تعالى : { أنلزمكموها } أي : أنُلزمكم قبولها ؟ وهذا استفهام معناه الإِنكار ، يقول : لانقدر أن نُلزمكم من ذات أنفسنا . قال قتادة : والله لو استطاع نبي الله صلى الله عليه وسلم لألزمها قومه ، ولكن لم يملك ذلك . وقيل : كان مراد نوح عليه السلام ردَّ قولهم : { وما نرى لكم علينا من فضل } فبيَّن فضله وفضل مَن آمن به بأنه على بيِّنة من ربه ، وقد آتاه رحمةً من عنده ، وسُلب المكذِّبون ذلك . قوله تعالى : { لا أسألكم عليه } أي : على نصحي ودعائي إياكم { مالاً } فتتهموني . وقال ابن الأنباري : لما كانت الرحمة بمعنى الهدى والإِيمان ، جاز تذكيرها . قوله تعالى : { وما أنا بطارد الذين آمنوا } قال ابن جريج : سألوه طردهم أنفة منهم ، فقال : لا يجوز لي طردهم ، إِذ كانوا يلقون الله فيجزيهم بايمانهم ، ويأخذ لهم ممن ظلمهم وصغَّر شؤونهم . وفي قوله : { ولكني أراكم قوما تجهلون } قولان : أحدهما : تجهلون أن هذا الأمر من الله تعالى ، قاله ابن عباس . والثاني : تجهلون لأمركم إِياي بطرد المؤمنين ، قاله أبو سليمان .