Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 54-56)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِن نقول } أي : ما نقول في سبب مخالفتك إِيانا إِلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون لسبِّك إياها ، فالذي تُظهر من عيبها لِما لحق عقلك من التغيير . قال ابن قتيبة : يقال : عراني كذا ، واعتراني : إِذا ألمَّ بي . ومنه قيل لمن أتاك يطلب نائلك : عارٍ ، ومنه قول النابغة : @ أَتَيْتُكَ عَارِيَاً خَلَقاً ثيابي على خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ @@ قوله تعالى : { إِني أشهد الله … } إِلى آخر الآية . حرك ياء « إِنيَ » نافع . ومعنى الآية : إِن كنتم تقولون : إِن الآلهة عاقبتني لطعني عليها ، فاني على يقين من عيبها والبراءةِ منها ، وها أنا ذا أزيد في الطعن عليها ، { فكيدوني جميعاً } أي : احتالوا أنتم وأوثانكم في ضرِّي ، ثم لاتمهلون . قال الزجاج : وهذا من أعظم آيات الرسل ، أن يكون الرسول وحدهَ وأُمتُه متعاونة عليه ، فيقول لهم : كيدوني ، فلا يستطيع أحد منهم ضرَّه ، وكذلك قال نوح لقومه : { فأجمعوا أمركم وشركاءكم } [ يونس : 71 ] . وقال محمد صلى الله عليه وسلم . { فإِن كان لكم كيد فكيدونِ } [ المرسلات : 39 ] . قوله تعالى : { إِلا هو آخذٌ بناصيتها } قال أبو عبيدة : المعنى : أنها في قبضته ومِلكه وسلطانه . فان قيل : لم خص الناصية ؟ فالجواب : أن الناصية هي شعر مقدَّم الرأس ، فاذا أخذت بها من شخص ، فقد ملكت سائر بدنه ، وذلَّ لك . قوله تعالى : { إِن ربي على صراط مستقيم } قال مجاهد : على الحق . وقال غيره : في الكلام إِضمار ، تقديره : إِن ربي يدل على صراط مستقيم . فان قيل : ما وجه المناسبة بين قوله : { إِلا هو آخذ بناصيتها } وبين كونه على صراط مستقيم ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه لما أخبر أنه آخذ بنواصي الخلق ، كان معناه : أنهم لا يخرجون عن قبضته ، فأخبر أنه على طريق لا يعدل عنه هارب ، ولا يخفي عليه مستتر . والثاني : أن المعنى : أنه وإِن كان قادراً عليهم ، فهو لايظلمهم ، ولايريد إِلا العدل ، ذكرهما ابن الأنباري .