Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 10-14)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قال قائل منهم } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه يهوذا ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال وهب بن منبه ، والسدي ، ومقاتل . والثاني : أنه شمعون ، قاله مجاهد . والثالث : روبيل ، قاله قتادة ، وابن إِسحاق . فأما غيابة الجب ، فقال أبو عبيدة : كل شيء غيَّب عنك شيئاً فهو غيابة ، والجب : الرَّكية التي لم تطو . وقال الزجاج : الغيابة : كل ما غاب عنك ، أو غيَّب شيئاً عنك ، قال المنخِّل : @ فإنْ أنا يَوْماً غيَّبَتْني غَيَابَتي فسِيروا بِسَيْري في العشيرة والأهْلِ @@ والجب : البئر التي لم تطو ؛ سميت جباً من أجل أنها قُطعت قطْعاً ، ولم يحدث فيها غير القطع من طي وما أشبهه . وقال ابن عباس : « في غيابة الجب » أي : في ظلماته . وقال الحسن : في قعره . وقرأ نافع : « غيابات الجب » فجعل كل منه غيابة . وروى خارجة عن نافع : « غيَّابات » بتشديد الياء . وقرأ الحسن ، وقتادة ، ومجاهد : « غيبة الجب » بغير ألف مع إِسكان الياء . وأين كان هذا الجب ، فيه قولان : أحدهما : بأرض الأردن ، قاله وهب . وقال مقاتل : هو بأرض الأردن على ثلاث فراسخ من منزل يعقوب . والثاني : ببيت المقدس ، قاله قتادة . قوله تعالى : { يلتقطه بعض السيارة } قال ابن عباس : يأخذه بعض من يسير . { إِن كنتم فاعلين } أي : إِن أضمرتم له ما تريدون . وأكثر القراء قرؤوا « يلتقطه » بالياء . وقرأ الحسن ، وقتادة ، وابن أبي عبلة بالتاء . قال الزجاج : وجميع النحويين يجيزون ذلك ، لأن بعض السيارة سيارة ، فكأنه قال : تلتقطه سيارة بعض السيارة . وقال ابن الأنباري : من قرأ بالتاء ، فقد أنَّث فعل بعض ، وبعض مذكر ، وإِنما فعل ذلك حملاً على المعنى ، إِذ التأويل : تلتقطه السيارة ، قال الشاعر : @ رأت مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مني كما أخَذَ السِّرارُ مِنَ الهِلاَلِ @@ أراد : رأت السنين ، وقال الآخر : @ طُولُ الليالي أَسْرَعتْ في نَقْضي طَوَيْنَ طُوِلي وَطَوَيْنَ عَرْضِي @@ أراد : الليالي ، أسرعت ، وقال جرير : @ لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ سُورُ المَدِينَةِ والْجِبَالُ الخُشَّعُ @@ أراد : تواضعت المدينة ، وقال الآخر : @ وتشْرَقُ بالْقَوْلِ الَّذي قد أَذَعْتُهُ كما شَرقتْ صدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ @@ أراد : كما شرقت القناة . قال المفسرون : فلما عزم القوم على كيد يوسف ، قالوا لأبيه : { مالك لا تأمنّا } قرأ الجماعة « تأمنا » بفتح الميم وإِدغام النون الأولى في الثانية والإِشارة إِلى إِعراب النون المدغمة بالضم ؛ قال مكي : لأن الأصل « تأمننا » ثم أدغمت النون الأولى ، وبقي الإِشمام يدل على ضمة النون الأولى . والإِشمام : هو ضم شفتيك من غير صوت يُسمع ، فهو بعد الإِدغام وقبل فتحه النون الثانية . وابن كيسان يسمي الإِشمام الإِشارة ، ويسمى الرَّوم إِشماماً ؛ والرَّوْم : صوت ضعيف يُسمع خفياً . وقرأ أبو جعفر « تأمنّا » بفتح النون من غير إِشمام إِلى إِعراب المدغم . وقرأ الحسن « مَالَكَ لا تأمُنّا » بضم الميم . وقرأ ابن مقسم « تأمننا » بنونين على الأصل ، والمعنى : مالك لا تأمنا على يوسف فترسله معنا ، فانه قد كبر ولا يعلم شيئاً من أمر المعاش { وإِنا له لناصحون } فيما أشرنا به عليك ؛ { أرسله معنا غداً } إِلى الصحراء . وقال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وذلك أنهم قالوا له : أرسله معنا ، فقال إِني لَيَحْزُنُني أن تذهبوا به ، فقالوا : مالك لا تأمنا . قوله تعالى : { نرتع ونلعب } قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو « نرتع ونلعب » بالنون فيهما ، والعين ساكنه ؛ وافقهم زيد عن يعقوب في « نرتع » فحسب . وفي معنى « نرتع » ثلاثة أقوال : أحدها : نَلْهُ ، قاله الضحاك . والثاني : نَسْعَ ، قاله قتادة . والثالث : نأكل ؛ يقال : رتعت الإِبل : إِذا رعت ، وأرتعتها : إِذا تركتها ترعى . قال الشاعر : @ وَحْبِيبٍ لي إِذَا لاَقَيْتُهُ وإِذَا يَخْلُوا لَهُ لَحْمِي رَتَعْ @@ أي : أكله ، هذا قول ابن الأنباري ، وابن قتيبة . وقرأ عاصم ، و حمزة والكسائي : « يرتع ويلعب » بالياء فيهما وجزْم العين والباء ، يعنون « يوسف » . وقرأ نافع : « نرتعِ » بكسر العين من « نرتع » من غير بلوغ إِلى الياء . قال ابن قتيبة : ومعناها : نتحارس ، ويرعى بعضنا بعضاً ، أي : يحفظ ؛ ومنه يقال : رعاك الله ، أي : حفظك . وقد رويت عن ابن كثير أيضاً « نرتعي » باثبات ياء بعد العين في الوصل والوقف . وقرأ أنس ، وأبو رجاء « نُرتِعْ » بنون مرفوعة وكسر التاء وسكون العين ، و « نلعبْ » بالنون . قال أبو عبيدة : أي : نرتع إِبلنا . فأما قوله : { ونلعب } فقال ابن عباس : نلهو . فإن قيل : كيف لم ينكر عليهم يعقوب ذِكر اللعب ؟ فالجواب : من وجهين . أحدهما : أنهم لم يكونوا حينئذ أنبياء ، قاله أبو عمرو بن العلاء . والثاني : أنهم عَنَوْا مباح اللعب ، قاله الماوردي . قوله تعالى : { إِني ليحزنني أن تذهبوا به } أي : يحزنني ذهابكم به ، لأنه يفارقني فلا أراه . { وأخاف أن يأكلَهُ الذئب } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة : « الذئب » بالهمز في الثلاثة المواضع . وقرأ الكسائي ، وأبو جعفر ، وشيبة بغير همز . قال أبو علي : « الذئب » مهموز في الأصل . يقال : تذاءَبَتِ الريح : إِذا جاءت من كل جهة كما يأتي الذئب . وفي علة تخصيص الذئب بالذكر ثلاثة أقوال : أحدها : أنه رأى في منامة أن الذئب شد على يوسف ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أن أرضهم كانت كثيرة الذئاب ، قاله مقاتل . والثالث : أنه خافهم عليه فكنى بذكر الذئب ، قاله الماوردي . قوله تعالى : { وأنتم عنه غافلون } فيه قولان : أحدهما : غافلون في اللعب . والثاني : مشتغلون برعيتكم . قوله تعالى : { لئن أكله الذئب ونحن عُصْبَةٌ } أي : جماعة نرى الذئب قد قصده ولا نرد عنه { إِنا إِذاً لخاسرون } أي : عاجزون . قال ابن الأنباري : ومن قرأ « عصبةً » بالنصب ، فتقديره : ونحن نجتمع عصبة .