Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 15-15)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فلما ذهبوا به } في الكلام اختصار وإِضمار ، تقديره : فأرسله معهم فلما ذهبوا . { وأجمعوا } أي : عزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب . الإِشارة إِلى قصة ذهابهم قال المفسرون : قالوا ليوسف : أما تشتاق أن تخرج معنا فتلعب وتتصيد ؟ قال : بلى ، قالوا : فسل أباك أن يرسلك معنا ، قال : أفعل ، فدخلوا بجماعتهم على يعقوب ، فقالوا : يا أبانا إِن يوسف قد أحب أن يخرج معنا ، فقال : ما تقول يا بني ؟ قال : نعم يا أبت ، قد أرى من إِخوتي اللين واللطف ، فأنا أحب أن تأذن لي ، فأرسله معهم ، فلما أصحروا ، أظهروا له ما في أنفسهم من العداوة ، وأغلظوا له القول ، وجعل يلجأ إِلى هذا ، فيضربه ، وإِلى هذا ، فيؤذيه ، فلما فطن لما قد عزموا عليه ، جعل ينادي : يا أبتاه ، يا يعقوب ، لو رأيت يوسف وما ينزل به من إِخوته لأَحَزْنَكَ ذلك وأبكاك ، يا أبتاه ما أسرع ما نسوا عهدك ، وضيَّعوا وصيَّتك ، وجعل يبكي بكاءً شديداً . قال الضحاك عن ابن عباس : فأخذه روبيل فجلد به الأرض ، ثم جثم على صدره وأراد قتله ، فقال له يوسف : مهلاً يا أخي لا تقتلني ، قال : يا ابن راحيل صاحبَ الأحلام ، قل لرؤياك تخلصك من أيدينا ، ولوى عنقه ليكسرها ، فنادى يوسف : يا يهوذا اتق الله فيّ ، وخل بيني وبين مَنْ يريد قتلي ، فأدركته له رحمة ، فقال يهوذا : يا إِخوتاه ، ألا أدلكم على أمرٍ هو خير لكم وأرفق به ؟ قالوا : وما ذاك ؟ قال : تلقونه في هذا الجب فيلتقطه بعض السيارة ، قالوا : نفعل ؛ فانطلفوا به إِلى الجب ، فخلعوا قميصه ، فقال : يا إِخوتاه ، لِمَ نزعتم قميصي ؟ ردوه عليَّ أستر به عورتي ويكون كفناً لي في مماتي ؛ فأخرج الله له حجراً في البئر مرتفعاً من الماء ، فاستقرت عليه قدماه . وقال السدي : جعلوا يدلونه في البئر ، فيتعلق بشفير البئر ؛ فربطوا يديه ونزعوا قميصه ، فقال : يا إِخوتاه ، ردوا عليَّ قيمصي أتوارى به ، فقالوا : ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكباً ، فدلّوه في البئر ، حتى إِذا بلغ نصفها ألقوه إِرادة أن يموت ، فكان في البئر ماءٌ فسقط فيه ، ثم أوى إِلى صخرة فيها فقام ، عليها ؛ فلما أَلْقَوْهُ في الجب جعل يبكي ، فنادوه ، فظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم ، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة ، فمنعهم يهوذا ، وكان يهوذا يأتيه بالطعام . وقال كعب : جمعوا يديه إِلى عنقه ونزعوا قميصه ، فبعث الله إِليه مَلَكاً ، فحلَّ عنه وأخرج له حجراً من الماء ، فقعد عليه ؛ وكان يعقوب قد أدرج قميص إِبراهيم الذي كساه الله إِياه يوم أُلْقي في النار في قصبة ، وجعلها في عنق يوسف ، فألبسه إِياه الملك حينئذ ، وأضاء له الجب . وقال الحسن : أُلقي في الجب ، فَعَذُبَ ماؤه ، فكان يغنيه عن الطعام والشراب ؛ ودخل عليه جبريل ، فأنس به ، فلما أمسى ، نهض جبريل ليذهب ، فقال له يوسف : إِنك إِذا خرجت عني استوحشت ، فقال : إِذا رهبت شيئاً فقل : يا صريخ المستصرخين ، وياغوث المستغيثين ، ويا مفرِّج كرب المكروبين ، قد ترى مكاني وتعلم حالي ولا يخفى عليك شيء من أمري . فلما قالها حفّته الملائكة ، فاستأنس في الجب ومكث فيه ثلاثة أيام ، وكان إِخوته يرعون حول الجب . وقال محمد بن مسلم الطائفي : لما أُلقي يوسف في الجُبِّ ، قال : ياشاهداً غير غائب ، ويا قريباً غير بعيد ، ويا غالباً غير مغلوب ، اجعل لي فرجاً مما أنا فيه ؛ قال : فما بات فيه . وفي مقدار سنِّة حين أُلقي في الجب أربعة أقوال : أحدها : اثنتا عشرة سنة ، قاله الحسن . والثاني : ست سنين ، قاله الضحاك . والثالث : سبع عشرة ، قاله ابن السائب ، وروي عن الحسن أيضاً . والرابع : ثمان عشرة . قوله تعالى : { وأوحينا إِليه } فيه قولان : أحدهما : أنه إِلهام ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنه وحي حقيقة . قال المفسرون : أُوحي إِليه لتخبرنّ إِخوتك بأمرهم ، أي : بما صنعوا بك وأنت عالٍ عليهم . وفي قوله : { وهم لا يشعرون } قولان : أحدهما : لا يشعرون أنك يوسف وقت إِخبارك لهم ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل . والثاني : لا يشعرون بالوحي ، قاله مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد . فعلى الأول يكون الكلام من صلة « لتنبئنهم » ؛ وعلى الثاني من صلة « وأوحينا إِليه » . قال حميد : قلت للحسن : أيحسد المؤمنُ المؤمنَ ؟ قال : لا أبالك ، ما نسّاك بني يعقوب ؟