Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 6-9)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها نزلت في كفار مكة ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب ، استهزاءً منهم بذلك ، قاله ابن عباس . والثاني : في مشركي العرب ، قاله قتادة . والثالث : في النضر بن الحارث حين قال : اللهم إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك ، قاله مقاتل . وفي السيئة والحسنة قولان : أحدهما : بالعذاب قبل العافية ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : بالشرِّ قبل الخير ، قاله قتادة . فأما { المَثُلات } فقرأ الجمهور بفتح الميم . وقرأ عثمان ، وأبو رزين ، وأبو مجلز ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والحسن ، وابن أبي عبلة برفع الميم . ثم في معناها قولان : أحدهما : أنها العقوبات ، قاله ابن عباس . وقال الزجاج : المعنى : قد تقدَّم من العذاب ما هو مثله وما فيه نكال ، لو أنهم اتعظوا . وقال ابن الأنباري : المُثْلَةُ : العقوبة التي تُبقي في المعاقَب شَيْناً بتغيير بعض خَلْقِه ، من قولهم : مثَّل فلان بفلان ، إِذا شان حَلْقَه بقَطْعِ أنفه أو أُذُنِهِ ، أو سملِ عينيه ونحو ذلك . والثاني : أن المثلاتِ : الأمثالُ التي ضربها الله عز وجل لهم ، قاله مجاهد ، وأبو عبيدة . قوله تعالى : { وإِن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } قال ابن عباس : لذو تجاوزٍ عن المشركين إِذا آمنوا ، وإِنه لشديد العقاب للمصرِّين على الشرك . وقال مقاتل : لذو تجاوز عن شركهم في تأخير العذاب ، وإِنه لشديد العقاب إذا عذَّب . فصل وذهب بعض المفسرين إِلى أن هذه الآية منسوخة بقوله : { إِن الله لا يغفر أن يُشرك به } [ النساء : 48 ] ، والمحققون على أنها محكَمة . قوله تعالى : { لولا أُنزل عليه آية من ربه } « لولا » بمعنى هلاَّ ، والآية التي طلبوها ، مثلُ عصا موسى وناقة صالح . ولم يقنعوا بما رأوا ، فقال الله تعالى : { إِنما أنت منذر } أي : مخوِّفٌ عذاب الله ، وليس لك من الآيات شيء . وفي قوله : { ولكُلِّ قوم هادٍ } ستة أقوال : أحدها : أن المراد بالهادي : اللهُ عز وجل ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، والنخعي ، فيكون المعنى : إِنما إِليك الإِنذار ، والله الهادي . والثاني : أن الهادي : الداعي ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث : أن الهادي : النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، قاله الحسن ، وعطاء ، وقتادة ، وابن زيد ، فالمعنى : ولكل قوم نبيٌّ ينذرهم . والرابع : أن الهادي : رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أيضاً ، قاله عكرمة ، وأبو الضحى ، والمعنى : أنت منذرٌ ، وأنت هادٍ . والخامس : أن الهادي : العملُ ، قاله أبو العالية . والسادس : أن الهاديَ : القائدُ إِلى الخير أو إِلى الشر قاله أبو صالح عن ابن عباس . وقد روى المفسرون من طرق ليس فيها ما يثبت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره ، فقال : " أنا المنذِر » وأومأ بيده إِلى منكب عليٍّ ، فقال : « أنت الهادي يا عليُّ بك يُهتدى من بعدي " قال المصنف : وهذا من موضوعات الرافضة . ثم إِن الله تعالى أخبرهم عن قدرته ، رداً على منكري البعث ، فقال : { الله يعلم ما تَحمِل كُلُّ أنثى } أي : من علقة أو مُضغة ، أو زائد أو ناقص ، أو ذكَرٍ أو أنثى ، أو واحد أو اثنين أو أكثر ، { وما تغيض الأرحام } أي : وما تنقص ، { وما تزداد } وفيه أربعة أقوال : أحدها : ما تغيض : بالوَضع لأقل من تسعة أشهر ، وما تزداد : بالوضع لأكثر من تسعة أشهر ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، والضحاك ، ومقاتل ، وابن قتيبة ، والزجاج . والثاني : وما تغيض : بالسِّقْطِ الناقص ، وما تزداد : بالولد التامِّ ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وعن الحسن كالقولين . والثالث : وما تغيض : بإراقة الدم في الحَمْل حتى يتضاءل الولد ، وما تزداد : إِذا أمسكَتِ الدمَ فيعظم الولد ، قاله مجاهد . والرابع : ما تغيض الأرحام : مَنْ ولدته من قبل ، وما تزداد : مَنْ تلده من بعد ، روي عن قتادة ، والسُّدِّي . قوله تعالى : { وكل شيء عنده بمقدار } أي : بقدر . قال أبو عبيدة : هو مِفعالٌ من القَدَرِ . قال ابن عباس : عَلِمَ كُلِّ شيء فقدَّره تقديراً . قوله تعالى : { عالم الغيب والشهادة } قد شرحنا ذلك في [ الأنعام : 6 ] . و { الكبير } بمعنى : العظيم . ومعناه : يعود إِلى كبر قدره واستحقاقه صفات العلوِّ ، فهو أكبر من كُلِّ كبير ، لأن كل كبير يصغر بالإِضافة إِلى عظمته . ويقال : « الكبير » الذي كَبُر عن مشابهة المخلوقين . فأمّا { المتعال } فقرأ ابن كثير « المتعالي » بياء في الوصل والوقف ، وكذلك روى عبد الوارث عن أبي عمرو ، وأثبتها في الوقف دون الوصل ابنُ شَنْبُوذَ عن قُنْبُل ، والباقون بغير ياء في الحالين . والمتعالي هو المتنزِّه عن صفات المخلوقين ، قال الخطّابي : وقد يكون بمعنى العالي فوق خَلْقه . وروي عن الحسن أنه قال : المتعالي عمّا يقول المشركون .