Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 103-105)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولقد نعلم أنهم يقولون } يعني : قريشاً { إِنما يعلِّمه بشر } أي : آدمي ، وما هو من عند الله . وفيمن أرادوا بهذا البشر تسعة أقوال : أحدها : أنه كان لبني المغيرة غلام يقال له « يعيش » يقرأ التوراة ، فقالوا : منه يتعلم محمد ، فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال عكرمة في رواية : كان هذا الغلام لبني عامر بن لؤي ، وكان رومياً . والثاني : أنه فتى كان بمكة يسمى « بلعام » وكان نصرانياً أعجمياً ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعلِّمه ، فلما رأى المشركون دخوله إِليه وخروجه ، قالوا ذلك ، روي عن ابن عباس أيضاً . والثالث : أنه نزلت في كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيملى عليه « سميع عليم » فيكتب هو « عزيز حكيم » أو نحو هذا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أي ذلك كتبت فهو كذلك » ، فافتتن ، وقال : إِن محمداً يَكِل ذلك إِليَّ فأكتب ما شئت ، روي عن سعيد بن المسيب . والرابع : أنه غلام أعجمي لامرأة من قريش يقال له : « جابر » ، وكان جابر يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتعلم منه ، فقال المشركون : إِنما يتعلم محمد من هذا ، قاله سعيد بن جبير . والخامس : أنهم عَنوا سلمان الفارسي ، قاله الضحاك ؛ وفيه بُعْدٌ من جهة أن سلمان أسلم بالمدينة ، وهذه [ الآية ] مكية . والسادس : أنهم عَنَوا به رجلاً حدّاداً كان يقال « بحُنّس » النَّصراني ، قاله ابن زيد . والسابع : أنهم عَنَوا به غلاماً لعامر بن الحضرمي ، وكان يهودياً أعجمياً ، واسمه « يسار » ، ويكنى « أبا فُكَيهة » ، قاله مقاتل . وقد روي عن سعيد بن جبير نحو هذا ، إِلاَّ أنه لم يقل : إِنه كان يهودياً . والثامن : أنهم عَنَوا غلاماً أعجمياً اسمه « عايش » وكان مملوكاً لحويطب ، وكان قد أسلم ، قاله الفراء ، والزجاج . والتاسع : أنهما رجلان ، قال عبد الله بن مسلم الحضرمي : كان لنا عبدان من أهل عين التمر ، يقال لأحدهما : « يسار » و للآخر « جبر » وكانا يصنعان السيوف بمكة ، ويقرآن الإِنجيل ، فربما مرَّ بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن ، فيقف يستمع ، فقال المشركون : إِنما يتعلم منهما . قال ابن الأنباري : فعلى هذا القول ، يكون البشر واقعاً على اثنين ، والبشر من أسماء الأجناس ، يعبّر عن اثنين ، كما يعبر « أحد » عن الاثنين والجميع ، والمذكر والمؤنث . قوله تعالى : { لسان الذي يُلحِدون إِليه أعجمي } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبوعمرو ، وابن عامر ، وعاصم : « يُلحِدون » بضم الياء وكسر الحاء ، وقرأ حمزة ، والكسائي : « يَلحَدون » بفتح الياء والحاء . فأما القراءة الأولى ، فقال ابن قتيبة : « يُلحدون » أي : يميلون إِليه ، ويزعمون أنه يعلِّمه ، وأصل الإِلحاد المَيْل . وقال الفراء : « يُلحِدون » بضم الياء : يعترضون ، ومنه قول : { ومَنْ يُرِدْ فيه بالحادٍ بظلم } [ الحج : 25 ] أي : باعتراض ، « ويَلحَدون » بفتح الياء : يميلون . وقال الزجاج : يَلَحدون إِليه ، أي : يُميلون القول فيه أنه أعجمي . قال ابن قتيبة : لا يكاد عوام الناس يفرِّقون بين العجمي والأعجمي ، والعربيّ والأعرابي ، فالأعجمي : الذي لا يُفصح وإِن كان نازلا بالبادية ، والعجمي : منسوب إِلى العجم وإِن كان فصيحاً ؛ والأعرابي : هو البدوي ، والعربي : منسوب إِلى العرب وإِن لم يكن بدوياً . قوله تعالى : { وهذا لسانٌ } يعني : القرآن ، { عربي } قال الزجاج : أي : أن صاحبه يتكلم بالعربية . قوله تعالى : { إِنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله } أي : الذين إِذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلاَّ الله ، كذَّبوا بها ، { وأولئك هم الكاذبون } أي : أن الكذب نعت لازم لهم ، وعادة من عاداتهم ، وهذا ردَّ عليهم إِذ قالوا : { إِنما أنت مُفْترٍ } [ النحل : 101 ] . وهذه الآية من أبلغ الزجر عن الكذب ، لأنه خُص به مَن لا يؤمن .