Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 98-102)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فإذا قرأتَ القرآن فاستعذ بالله } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن المعنى : فاذا أردتَ القراءة فاستعذ ، ومثله { إِذا قمتم إِلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة : 6 ] وقوله : { وإِذا سألتموهُنَّ متاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ من وراء حجاب } [ الأحزاب 53 ] وقوله : { إِذا ناجيتم الرسول فقدِّموا بين يَدَيْ نجواكم صدقة } [ المجادلة : 12 ] . ومثله في الكلام : إِذا أكلت فقل : باسم الله ، هذا قول عامة العلماء واللغويين . والثاني : أنه على ظاهره ، وأن الاستعاذة بعد القراءة . روي عن أبي هريرة ، وداود . والثالث : أنه من المقدَّم والمؤخَّر ، فالمعنى : فاذا استعذت بالله فاقرأ ، قاله أبو حاتم السجستاني ، والأول أصح . فصل والاستعاذة عند القراءة سُنَّةٌ في الصلاة وغيرها . وفي صفتها عن أحمد روايتان : إحدهما : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إِن الله هو السميع العليم ، رواها أبو بكر المروزي . والثانية : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، إِن الله هو السميع العليم ، رواها حنبل . وقد بيَّنَّا معنى « أعوذ » في أول الكتاب [ ص : 7 ] ، وشرحنا اشتقاق الشيطان في [ البقرة : 14 ] ، والرجيم في [ آل عمران : 36 ] . قوله تعالى : { إِنه ليس له سلطان على الذين امنوا } في المراد بالسلطان قولان : أحدهما : أنه التسلُّط . ثم فيه ثلاثة أقوال : أحدها : ليس له عليهم سلطان بحال ، لأن الله صرف سلطانه عنهم بقوله : { إِن عبادي ليس لك عليهم سلطان إِلاَّ من اتَّبعك من الغاوين } [ الحجر 42 ] . والثاني : ليس له عليهم سلطان ، لاستعاذتهم منه . والثالث : ليس له قُدْرة على أن يحملهم على ذَنْب لا يُغْفَر . والثاني : أنه الحُجَّة . فالمعنى : ليس له حُجَّة على ما يدعوهم إِليه من المعاصي ، قاله مجاهد . فأما قوله : { يَتَولَّوْنه } معناه : يطيعونه . وفي هاء الكناية في قوله : { والذين هم به مشركون } قولان : أحدهما : أنها ترجع إِلى الله تعالى ، قاله مجاهد ، والضحاك . والثاني : أنها ترجع إِلى الشيطان ، فالمعنى : الذين هم من أجله مشركون بالله ، وهذا كما يقال : صار فلان بك عالماً ، أي : من أجلك ، هذا قول ابن قتيبة . وقال ابن الأنباري : المعنى : والذين هم باشراكهم إِبليسَ في العبادة ، مشركون بالله تعالى . قوله تعالى : { وإِذا بدَّلنا آية مكان آية } سبب نزولها أن الله تعالى كان ينزِّل الآية ، فيُعمَل بها مدة ، ثم ينسخها ، فقال كفار قريش : والله ما محمد إِلاَّ يسخر من أصحابه ، يأمرهم اليوم بأمر ، ويأتيهم غداً بما هو أهون عليهم منه ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والمعنى : إِذا نسخنا آية بآية ، إِما نسخ الحكم والتلاوة ، أو نسخ الحكم مع بقاء التلاوة { والله أعلم بما يُنزِّل } من ناسخٍ ومنسوخ ، وتشديد وتخفيف ، فهو عليم بالمصلحة في ذلك { قالوا إِنما أنت مفترٍ } أي : كاذب { بل أكثرهم لايعلمون } فيه قولان : أحدهما : لايعلمون أن الله أنزله . والثاني : لايعلمون فائدة النسخ . قوله تعالى : { قل نزَّلَه } يعني : القرآن { روح القُدُس } يعني : جبريل . وقد شرحنا هذا الاسم في [ البقرة : 87 ] . قوله تعالى : { مِن ربك } أي : من كلامه { بالحق } أي : بالأمر الصحيح { ليثبِّت الذين آمنوا } بما فيه من البيِّنات فيزدادوا يقيناً .