Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-93)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِن الله يأمر بالعدل } فيه أربعة أقوال : أحدها : أنه شهادة أن لا إِله إِلا الله ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : أنه الحق ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثالث : أنه استواء السريرة والعلانية في العمل لله تعالى ، قاله سفيان بن عيينة . والرابع : أنه القضاء بالحق ، ذكره الماوردي . قال أبو سليمان : العدل في كلام العرب : الإِنصاف ، وأعظمُ الإِنصاف : الاعتراف للمنعِم بنعمته . وفي المراد بالإِحسان خمسة أقوال : أحدها : أنه أداء الفرائض ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : العفو ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثالث : الإِخلاص ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والرابع : أن تعبد الله كأنك تراه ، رواه عطاء عن ابن عباس . والخامس : أن تكون السريرة أحسن من العلانية ، قاله سفيان بن عيينة . فأما قوله تعالى : { وإِيتاءِ ذي القربي } فالمراد به : صلة الأرحام . وفي الفحشاء قولان : أحدهما : أنها الزنا ، قاله ابن عباس . والثاني : المعاصي ، قاله مقاتل . وفي { المنكر } أربعة أقوال : أحدها : أنه الشرك ، قاله مقاتل . والثاني : أنه ما لا يُعرَف في شريعة ولا سُنَّة . والثالث : أنه ما وعد الله عليه النار ، ذكرهما ابن السائب . والرابع : أن تكون علانية ، الإِنسان أحسن من سريرته قاله سفيان بن عيينة . فأما { البغي } فقال ابن عباس : هو الظلم ، وقد سبق شرحه في مواضع [ البقرة : 173 ، والأعراف : 33 ، ويونس : 23 ، 90 ] . قوله تعالى : { يعظكم } قال ابن عباس : يؤدِّبكم ، وقد ذكرنا معنى الوعظ في [ سورة النساء : 58 ] و { تذكَّرون } بمعنى : تتَّعظون . قال ابن مسعود : هذه الآية أجمع آية في القرآن لخير أو لشر . وقال الحسن : والله ما ترك العدلُ والاحسانُ شيئاً من طاعة [ الله ] إِلاَّ جمعاه ، ولا تركت الفحشاء والمنكر والبغي شيئاً من معصية الله إِلاّ جمعوه . قوله تعالى : { وأوفوا بعهد الله } اختلفوا فيمن نزلت على قولين : أحدهما : أنها نزلت في حلف أهل الجاهلية ، قاله مجاهد ، وقتادة . والثاني : أنها نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال المفسرون : العهد الذي يجب الوفاء به ، هو الذي يحسن فعله ، فاذا عاهد العبد عليه ، وجب الوفاء به ، والوعد من العهد { ولا تنقضوا الأَيمان بعد توكيدها } أي : بعد تغليظها وتشديدها بالعزم والعقد على اليمين ، بخلاف لغو اليمين ، ووكدت الشيء توكيداً ، لغة أهل الحجاز . فأما أهل نجد ، فيقولون : أكدته تأكيداً . وقال الزجاج : يقال : وكَّدت الأمر ، وأكّدت ، لغتان جيدتان ، والأصل الواو ، والهمزة بدل منها . قوله تعالى : { وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً } أي : بالوفاء ، وذلك أن من حلف بالله ، فكأنه أكفل الله بالوفاء بما حلف عليه . وللمفسرين في معنى « كفيلا » ثلاثة أقوال : أحدها : شهيداً ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : وكيلا ، قاله مجاهد . والثالث : حفيظاً مراعياً لعقدكم ، قاله أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها } قال مجاهد : هذا فعل نساء أهل نجد ، تنقض إِحداهن حبلها ، ثم تنفشه ، ثم تخلطه بالصوف فتغزله ، وقال مقاتل : هي امرأة من قريش تسمى « رَيْطة » بنت عمرو بن كعب ، كانت إِذا غزلت ، نقضته . وقال ابن السائب : اسمها « رَائطة » وقال ابن الأنباري : اسمها « رَيطة » بنت عمرو المرِّيّة ، ولقبها الجعراء ، وهي من أهل مكة ، وكانت معروفة عند المخاطبين ، فعرفوها بوصفها ، ولم يكن لها نظير في فعلها ذلك ، كانت متناهية الحمق ، تغزِلُ الغزل من القطن أو الصوف فتُحكِمُه ، ثم تأمر جاريتها بتقطيعه . وقال بعضهم : كانت تغزل هي وجواريها ، ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن ، فضربها الله مثلاً لناقضي العهد « ونقضت » ، بمعنى : تنقض ، كقوله : { ونادى أصحابُ الجنة } [ الأعراف : 43 ] بمعنى : وينادي . وفي المراد بالغَزْل قولان : أحدهما : أنه الغَزْل المعروف ، سواء كان من قطن أو صوف أو شعر ، وهو قول الأكثرين . والثاني : أنه الحَبْل ، قاله مجاهد . وقوله : { من بعد قوة } قال قتادة : من بعد إِبرام ، وقوله : { أنكاثاً } أي : أنقاضاً . قال ابن قتيبة : الأنكاث : ما نُقض من غَزْل الشَّعْر وغيره . وواحدها : نِكْث . يقول : لا تؤكدوا على أنفسكم الأَيمان والعهود ، ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا فيه ، فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت ، ثم نقضت ذلك النسج ، فجعلته أنكاثاً . قوله تعالى : { تتخذون أيمانكم دَخَلاً بينكم } أي : دغلاً ، ومكراً ، وخديعة ، وكل شيء دخله عيب ، فهو مدخول ، وفيه دَخَلٌ . قوله تعالى : { أن تكون أمة } قال ابن قتيبة : لأن تكون أمة ، { هي أربى } أي : هي أغنى { مِنْ أُمَّةٍ } وقال [ الزجاج ] : المعنى : بأن تكون أمة هي أكثر ، يقال : ربا الشيء يربو : إِذا كثر . قال ابن الأنباري : قال اللغويون : « أربى » : أَزْيَد عدداً . قال مجاهد : كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعزَّ ، فينقضون حِلف هؤلاء ويحالفون أولئك ، فنُهوا عن ذلك . وقال الفراء : المعنى : لا تغدِروا بقوم لقلَّتِهم وكثرتكم ، أو قِلَّتكم وكثرتهم وقد غرَّرتموهم بالأَيمان . قوله تعالى : { إِنما يبلوكم الله به } في هذه الآية ثلاثة أقوال : أحدها : أنها ترجع إِلى الكثرة ، قاله سعيد بن جبير ، وابن السائب ، ومقاتل ، فيكون المعنى : إِنما يختبركم الله بالكثرة ، فاذا كان بين قومين عهد ، فكثر أحدهما ، فلا ينبغي أن يفسخ الذي بينه وبين الأقلِّ . فان قيل : إِذا كنى عن الكثرة ، فهلاّ قيل بها ؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري ، بأن الكثرة ليس تأنيثها حقيقياً ، فحملت على معنى التذكير ، كما حملت الصيحة على معنى الصياح . والثاني : أنها ترجع إِلى العهد ، فانَّه لدلالة الأَيمان عليه ، يجرى مجرى المظهر ، ذكره ابن الأنباري . والثالث : أنها ترجع إِلى الأمر بالوفاء ، ذكره بعض المفسرين . قوله تعالى : { ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة } قد فسرناه في آخر [ هود : 118 ] . قوله تعالى : { ولكن يُضِلُّ من يشاء } صريح في تكذيب القَدَرية ، حيث أضاف الإِضلال والهداية إِليه ، وعلَّقهما بمشيئته .