Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 101-104)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَاسْأَلْ بني إِسرائيل } قرأ الجمهور : « فاسأل » على معنى الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وإِنما أُمر أن يسأل من آمن منهم عما أخبر [ به ] عنهم ، ليكون حُجَّة على من لم يؤمن منهم . وقرأ ابن عباس : « فَسَأَلَ بني إِسرائيل » ، [ على معنى ] الخبر عن موسى أنه سأل فرعون أن يرسل معه بني إِسرائيل . { فقال له فرعونُ إِني لأظنُّك } أي : لأحسِبك { يا موسى مسحوراً } وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : مخدوعاً ، قاله ابن عباس . والثاني : مسحوراً قد سُحِرْتَ ، قاله ابن السائب . والثالث : ساحراً ، فوضع مفعولاً في موضعِ فاعلٍ ، هذا مروي عن الفراء ، وأبي عبيدة . فقال موسى : { لقد علمت } قرأ الجمهور بفتح التاء . وقرأ علي عليه السلام بضمها ، وقال : والله ما عَلِم عدوُّ الله ، ولكنَّ موسى هوالذي عَلِم ، فبلغ ذلك ابنَ عباس ، فاحتج بقوله تعالى : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } [ النمل : 14 ] . واختار الكسائي وثعلب قراءة علي عليه السلام ، وقد رُويت عن ابن عباس ، وأبي رزين ، وسعيد بن جبير ، وابن يعمر . واحتج من نصرها بأنه لما نَسَبَ موسى إِلى أنه مسحور ، أعلمه بصحة عقله بقوله : « لقد علمتُ » ، والقراءة الأولى أصح ، لاختيار الجمهور ، ولأنه قد أبان موسى من المعجزات ما أوجب علم فرعون بصدقه ، فلم يردّ عليه إِلا بالتعلل والمدافعة ، فكأنه قال : لقد علمتَ بالدليل والحجة « ما أنزل هؤلاء » يعني الآيات . وقد شرحنا معنى « البصائر » في [ الأعراف : 203 ] . قوله تعالى : { وإِني لأظنك } قال أكثر المفسرين : الظن هاهنا بمعنى العِلم ، على خلاف ظن فرعون في موسى ، وسوّى بينهما بعضهم ، فجعل الأول بمعنى العِلم أيضاً . وفي المثبور ستة أقوال . أحدها : أنه الملعون ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك . والثاني : المغلوب ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : الناقص العقل ، رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس . والرابع : المُهْلَك ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال أبو عبيدة ، وابن قتيبة . قال الزجاج : يقال : ثُبر الرجل ، فهو مثبور : إِذا أُهلك . والخامس : الهالك ، قاله مجاهد . والسادس : الممنوع من الخير ؛ تقول العرب : ما ثبرك عن هذا ، أي : ما منعك ، قاله الفراء . قوله تعالى : { فأراد أن يستفزَّهم من الأرض } يعني : فرعون أراد أن يستفزَّ بني إِسرائيل من أرض مصر . وفي معنى « يستفزَّهم » قولان . أحدهما : يستأصلهم ، قاله ابن عباس . والثاني : يستخفّهم حتى يخرجوا ، قاله ابن قتيبة . وقال الزجاج : جائز أن يكون استفزازُهم إِخراجَهم منها بالقتل أو بالتنحية . قال العلماء : وفي هذه الآية تنبيه على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لما خرج موسى فطلبه فرعون ، هلك فرعون وملَك موسى ، وكذلك أظهر الله نبيَّه بعد خروجه من مكة حتى رجع إِليها ظاهراً عليها . قوله تعالى : { وقلنا من بعده } أي : من بعد هلاك فرعون { لبني إِسرائيل اسكنوا الأرض } وفيها ثلاثة أقوال . أحدها : فلسطين والأردنّ ، قاله ابن عباس . والثاني : أرضٌ وراء الصِّين ، قاله مقاتل . والثالث : أرض مصر والشام . قوله تعالى : { فإذا جاء وعد الآخرة } يعني : القيامة { جئنا بكم لفيفاً } أي : جميعاً ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وابن قتيبة . وقال الفراء : لفيفاً ، أي : مِنْ هاهنا ومِن هاهنا . وقال الزجاج : اللفيف : الجماعات من قبائل شتى .