Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 97-100)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { من يهدي الله فهوالمهتدي } قرأ نافع ، وأبو عمرو بالياء في الوصل ، وحَذَفاها في الوقف . وأثبتها يعقوب في الوقف ، وحذفها الأكثرون في الحالتين . « من يهد الله » قال ابن عباس : من يرد الله هداه { فهو المهتد ومن يُضْلِل فلن تجد لهم أولياء من دونه } يَهدونهم . قوله تعالى : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه يمشِّيهم على وجوههم ، وشاهِده ما روى البخاري ومسلم في « صحيحيهما » من حديث أنس بن مالك " أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال : « إِن الذي أمشاه على رجليه في الدنيا ، قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " . والثاني : أن المعنى : ونحشرهم مسحوبين على وجوههم ، قاله ابن عباس . والثالث : نحشرهم مسرعين مبادرين ، فعبَّر بقوله : « على وجوههم » عن الإِسراع ، كما تقول العرب : قد مَرَّ القوم على وجوههم : إِذا أسرعوا ، قاله ابن الأنباري . قوله تعالى : { عمياً وبكماً وصماً } فيه قولان . أحدهما : عمياً لا يرون شيئاً يَسرُّهم ، وبكماً لا ينطقون بحجَّة ، وصماً لا يسمعون شيئاً يسرُّهم ، قاله ابن عباس . وقال في رواية : عمياً عن النظر إِلى ما جعل لأوليائه ، وبكماً عن مخاطبة الله ، وصماً عما مدح به أولياءه ، وهذا قول الأكثرين . والثاني : أن هذا الحشر في بعض أحوال القيامة بعد الحشر الأول . قال مقاتل : هذا يكون حين يقال لهم : { اخسؤوا فيها } [ المؤمنون : 108 ] فيصيرون عمياً بكماً صماً لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون بعد ذلك . قوله تعالى : { كلما خَبَتْ } قال ابن عباس : أي : سكنت . قال المفسرون : وذلك أنها تأكلهم ، فإذا لم تُبق منهم شيئاً وصاروا فحماً ولم تجد شيئاً تأكله ، سكنت ، فيُعادُون خلقاً جديداً ، فتعود لهم . وقال ابن قتيبة : يقال : خبت النار : إِذا سكن لهبها . فالَّلهب يسكن ، والجمر يعمل ، فإن سكن الَّلهب ، ولم يُطفَأ الجمر ، قيل : خَمَدت تَخْمُدُ خُمُوداً ، فإن طُفئت ولم يبق منها شيء ، قيل : هَمَدت تَهْمُد هُمُوداً . ومعنى { زدناهم سعيراً } : ناراً تتسعر ، أي : تتلهَّب . وما بعد هذا قد سبق تفسيره [ الاسراء : 49 ] إِلى قوله : { قادر على أن يخلق مثلهم } أي : على أن يخلقهم مرة ثانية ، وأراد بـ « مثلهم » إِياهم ، وذلك أن مِثْل الشيءِ مساوٍ له ، فجاز أن يعبّر به عن نفس الشيء ، يقال : مِثْلُك لا يفعل هذا ، أي : أنت ، ومثله قوله : { فان آمنوا بمثل ما آمنتم به } [ البقرة : 137 ] ، وقد تم الكلام عند قوله : { مِثلَهم } ، ثم قال : { وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه } يعني : أجل البعث { فأبى الظالمون إِلا كُفوراً } أي : جحوداً بذلك الأجل . قوله تعالى : { قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي } قال الزجاج : المعنى : لو تملكون أنتم ، قال المتلمِّس : @ وَلَوْ غيرُ أَخْوَالِي أَرَادُوا نَقِيصَتِي نَصبْتُ لهم فَوْقَ العرانينِ مِيسَما @@ المعنى : لو أراد غير أخوالي . وفي هذه الخزائن قولان . أحدهما : خزائن الأرزاق . والثاني : خزائن النِّعم ، فيخرج في الرحمة قولان . أحدهما : الرِّزق . والثاني : النِّعمة . وتحرير الكلام : لو ملكتم ما يملكه الله عز وجل لأمسكتم عن الإنفاق خشية الفاقة . { وكان الإِنسان } يعني : الكافر { قتوراً } أي : بخيلاً مُمْسِكاً ؛ يقال : قَتَر يَقْتُرُ ، وقَتَر يَقْتِرُ : إِذا قصَّر في الإِنفاق . وقال الماوردي : لو ملك أحد من المخلوقين من خزائن الله تعالى ، لما جاد كجود الله تعالى ، لأمرين . أحدهما : أنه لا بد أن يُمسِك منه لنفقته ومنفعته . والثاني : أنه يخاف الفقر ، والله تعالى منزَّه في جُوده عن الحالين . ثم إِن الله تعالى ذكر إِنكار فرعون آيات موسى ، تشبيهاً بحال هؤلاء المشركين ، فقال : { ولقد آتينا موسى تسع آيات } وفيها قولان . أحدهما : أنها بمعنى المعجزات والدلالات ، ثم اتفق جمهور المفسرين على سبع آيات منها ، وهي : يده ، والعصا ، والطوفان ، والجراد ، والقُمَّل ، والضفادع ، والدم ، واختلفوا في الآيتين الآخرتين على ثمانية أقوال . أحدها : أنهما لسانه والبحر الذي فلق له ، رواه العوفي عن ابن عباس ؛ يعني بلسانه : أنه كان فيه عقدة فحلَّها الله تعالى له . والثاني : البحر والجبل الذي نُتق فوقهم ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثالث : السّنون ونقص الثمرات ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والشعبي ، وعكرمة ، وقتادة . وقال الحسن : السِّنون ونقص الثمرات آية واحدة . والرابع : البحر والموت أُرسل عليهم ، قاله الحسن ، ووهب . والخامس : الحَجَر والبحر ، قاله سعيد بن جبير . والسادس : لسانه وإِلقاء العصا مرتين عند فرعون ، قاله الضحاك . والسابع : البحر والسِّنون ، قاله محمد بن كعب . والثامن : ذكره [ محمد بن إِسحاق عن ] محمد بن كعب أيضاً ، فذكر السبع الآيات الأولى ، إِلا أنه جعل مكان يده البحر ، وزاد الطمسة والحجر ، يعني قوله : { اطمس على أموالهم } [ يونس : 88 ] . والثاني : أنها آيات الكتاب ، روى أبو داود السجستاني من حديث صفوان بن عسّال ، " أن يهودياً قال لصاحبه : تعال حتى نسأل هذا النبيّ ، فقال الآخر : لا تقل : إِنه نبيٌّ ، فإنه لو سمع ذلك ، صارت له أربعة أعين ؛ فأتَيَاه ، فسألاه عن تسع آيات بيِّنات ، فقال : « لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إِلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تَسرقوا ، ولا تأكلوا الرِّبا ، ولا تمشوا بالبريء إِلى السلطان ليقتلَه ، ولا تَسْحَروا ، ولا تقذفوا المحصنات ، ولا تَفِرُّوا من الزَّحف ، وعليكم خاصّةً يهودُ ألاّ تَعْدُوا في السبتِ » ، قال : فقبَّلا يده ، وقالا : نشهد أنك نبيّ " .