Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 29-31)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولا تجعل يدك مغلولة إِلى عنقك } سبب نزولها : " أن غلاماً جاء إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ، إِن أُمِّي تسألك كذا وكذا ، قال : « ما عندنا اليوم شيء » ، قال : فتقول لك : اكْسُني قميصك ، قال : فخلع قميصه فدفعه إِليه ، وجلس في البيت حاسراً " ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن مسعود . وروى جابر بن عبد الله نحو هذا ، فزاد فيه ، فأذَّن بلال للصلاة ، وانتظروه فلم يخرج ، فشغل قلوب الصحابة ، فدخل عليه بعضهم ، فرأوه عُرياناً ، فنزلت هذه الآية ، والمعنى : لا تمسك يدك عن البذل كلَّ الإِمساك حتى كأنها مقبوضة إِلى عنقك ، { ولا تبسطها كلَّ البسط } في الإِعطاء والنفقة { فتقعُدَ ملوماً } تلوم نفسك ويلومك الناس ، { محسوراً } قال ابن قتيبة : تَحْسِرُكَ العطيةُ وتقطعك كما يَحْسِرُ السفر البعيرَ فيبقى منقطعاً به . قال الزجّاج : المحسور : الذي قد بلغ الغاية في التعب والإِعياء ، فالمعنى : فتقعدَ وقد بلغتَ في الحَمْل على نفسك وحالك حتى صِرتَ بمنزلة من قد حَسَر . قال القاضي أبو يعلى : وهذا الخطاب أُريدَ به غيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يكن يدَّخِرُ شيئاً لغدٍ ، وكان يجوع حتى يشُدَّ الحجَر على بطنه ، وقد كان كثير من فضلاء الصحابة ينفقون جميع ما يملكون ، فلم ينههم الله ، لصحة يقينهم ، وإِنما نهى من خِيف عليه التحسُّر على ما خرج من يده ، فأما من وثق بوعد الله تعالى ، فهو غير مراد بالآية . قوله تعالى : { إِن ربَّك يبسُط الرِّزق لمن يشاء ويقدر } أي : يوسع على من يشاء ويضيِّق ، { إِنه كان بعباده خبيراً بصيراً } حيث أجرى أرزاقهم على ما علم فيه صلاحهم . قوله تعالى : { ولا تقتلوا أولادكم خَشية إِملاق } قد فسرناه في [ الأنعام : 151 ] . قوله تعالى : { كان خِطْئاً كبيراً } قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « خِطْءاً » مكسورة الخاء ساكنة الطاء مهموزة مقصورة . وقرأ ابن كثير ، وعطاء : « خِطاءً » مكسورة الخاء ممدودة مهموزة . وقرأ ابن عامر : « خَطَأً » بنصب الخاء والطاء وبالهمز من غير مدٍّ . وقرأ أبو رزين كذلك ، إِلاَّ أنه مَدَّ وقرأ الحسن ، وقتادة : « خَطْءاً » بفتح الخاء وسكون الطاء مهموز مقصور . وقرأ الزهري ، وحميد بن قيس : « خِطاً » بكسر الخاء وتنوين الطاء من غير همز ولا مَدّ . قال الفراء : الخِطء : الإِثم ، وقد يكون في معنى « خَطَأ » كما قالوا : « قِتْبٌ » و « قَتَبٌ » و « حِذْرٌ » و « حَذَرٌ » و « نِجْسٌ » و « نَجَسٌ » ، والخِطء ، والخِطاء ، والخَطَاء ، ممدود : لغات . وقال أبو عبيدة : خَطِئْتُ وأَخْطَأْتُ ، لغتان . وقال أبو علي : قراءة ابن كثير « خِطاءً » ، يجوز أن تكون مصدرَ « خاطأ » وإِن لم يسمع « خاطأَ » ولكن قد جاء ما يدل عليه ، أنشد أبو عبيدة : @ الخِطءُ والخَطء والخَطاء @@ وقال الأخفش : خَطِئ يَخْطَأُ بمعنى « أَذْنَبَ » وليس بمعنى « أَخطأَ » ، لأن « أخطأ » : فيما لم يصنعه عمداً ، تقول فيما أتيتَه عمداً : « خَطِئْتُ » ، وفيما لم تتعمده : « أخطأتُ » . وقال ابن الأنباري : « الخِطء » : الإِثم ، يقال : قد خَطِئَ يَخْطَأُ : إذا أثم ، وأَخْطَأ يُخْطِئُ : إِذا فارق الصواب . وقد شرحنا هذا في [ يوسف : 91 ] عند قوله : { وإِن كنا لخاطئين } .