Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 79-82)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فكانت لمساكين } في المراد بمسكنتهم قولان . أحدهما : أنهم كانوا ضعفاءَ في أكسابهم . والثاني : في أبدانهم . وقال كعب : كانت لعشرة إِخوة ، خمسةٍ زمْنى ، وخمسةٍ يعملون في البحر . قوله تعالى : { فأردتُ أن أعيبَها } أي : أجعلها ذات عيب ، يعني بخرقها ، { وكان وراءهم } فيه قولان . أحدهما : أمامهم ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وابن مسعود : « وكان أمامَهم مَلِك » . والثاني : خلفهم ؛ قال الزجاج : وهو أجود الوجهين . فيجوز أن يكون رجوعهم في طريقهم كان عليه ، ولم يعلموا بخبره ، فأعلم الله تعالى الخضرَ خَبَرَه . قوله تعالى { يأخذ كل سفينة غصباً } أي : كل سفينة صالحة . وفي قراءة أُبيِّ [ بن كعب ] : « كلَّ سفينة صحيحة » . قال الخضر : إِنما خرقتها ، لأن الملك إِذا رآها منخرقة تركها ورقعها أهلُها فانتفعوا بها . قوله تعالى : { وأما الغلام } روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ : « وأما الغلام فكان كافراً » . وروى أُبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " « إِن الغلام الذي قتله الخضر طُبع كافراً ، ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً " قال الربيع بن أنس : كان الغلام على الطريق لا يمرُّ به أحدٌ إِلا قتلَه أو غصبه ، فيدعو ذلك عليه وعلى أبويه . وقال ابن السائب : كان الغلام لصّاً ، فإذا جاء من يطلبه حلف أبواه أنه لم يفعل . قوله تعالى : { فخشينا } في القائل لهذا قولان . أحدهما : الله عز وجل . ثم في معنى الخشية المضافة إِليه قولان . أحدهما : أنها بمعنى : العلم . قال الفراء : معناه : فعلمنا . وقال ابن عقيل : المعنى : فعلنا فعل الخاشي . والثاني : الكراهة ، قاله الأخفش ، والزجاج . والثاني : أنه الخضر ، فتكون الخشية بمعنى الخوف للأمر المتوهم ، قاله ابن الأنباري . وقد استدل بعضهم على أنه من كلام الخضر بقوله : { فأردنا أن يبدلهما ربهما } . قال الزجاج : المعنى : فأراد الله ، لأن لفظ الخبر عن الله تعالى هكذا أكثر من أن يحصى . ومعنى { يرهقهما } : يحملهما على الرَّهَق ، وهو الجهل . قال أبو عبيدة : « يُرْهِقَهُما » : يغشِيَهما . قال سعيد بن جبير : خشينا أن يحملَهما حُبُّه على أن يدخلا في دينه . وقال الزجاج : فرحا به حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما ، فرضي امروءٌ بقضاء الله ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره ، خير له من قضائه فيما يحب . قوله تعالى : { فأردنا أن يبدلَهما ربهما } قرأ ابن كثير ، وأبو بكر عن عاصم : « أن يُبْدِلَهُما » بالتخفيف . وقرأ نافع ، وأبو عمرو بالتشديد . قوله تعالى : { خيراً منه زكاةً } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : ديناً ، قاله ابن عباس . والثاني : عملاً ، قاله مقاتل . والثالث : صلاحاً ، قاله الفراء . قوله تعالى : { وأقربَ رُحْماً } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « رُحْماً » ساكنة الحاء ، وقرأ ابن عامر : « رُحُماً » مثقلة . وعن أبي عمرو كالقراءتين . وقرأ ابن عباس ، وابن جبير ، وأبو رجاء : « رَحِماً » بفتح الراء ، وكسر الحاء . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : أوصل للرحم وأبَرّ للوالدين ، قاله ابن عباس ، وقتادة . وقال الزجاج : أقرب عطفاً ، وأمسّ بالقرابة . ومعنى الرُّحْم والرُّحُم في اللغة : العطف والرحمة ، قال الشاعر : @ وكيف بظلم جَاريةٍ ومنها اللِّينُ والرُّحُم @@ والثاني : أقرب أن يُرحَما به ، قاله الفراء . وفيما بُدِّلا به قولان . أحدهما : جارية ، قاله الأكثرون . وروى عطاء عن ابن عباس ، قال : أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّاً . والثاني : غلام مسلم ، قاله ابن جريج . قوله تعالى : { وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة } يعني : القريةَ المذكورة في قوله : { أتيا أهل قرية } ، قال مقاتل : واسمهما : أصرم ، وصريم . قوله تعالى : { وكان تحته كنزٌ لهما } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه كان ذهباً وفضة ، رواه أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال الحسن ، وعكرمة ، وقتادة : كان مالاً . والثاني : أنه كان لوحاً من ذهب ، فيه مكتوب : عجباً لمن أيقن بالقدر ثم هو يَنْصَب ، عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك ، عجباً لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ، عجباً لمن يوقن بالرزق كيف يتعب ، عجباً لمن يؤمن بالحساب كيف يغفُل ، عجباً لمن رأى الدنيا وتقلُّبَها بأهلها كيف يطمئن إِليها ، أنا الله الذي لا إِله إِلا أنا ، محمد عبدي ورسولي ، وفي الشِّق الآخر : أنا الله لا إِله إِلا أنا وحدي لا شريك لي ، خلقتُ الخير والشَّر ، فطوبى لمن خلقتُه للخير وأجريتُه على يديه ، والويل لمن خلقتُه للشر وأجريتُه على يديه ، رواه عطاء عن ابن عباس . قال ابن الأنباري : فسُمِّي كنزاً من جهة الذَّهب ، وجعل اسمه هو المغلَّب . والثالث : كنز علم ، رواه العوفي عن ابن عباس . وقال مجاهد : صُحُف فيها عِلْم ، وبه قال سعيد بن جبير ، والسدي . قال ابن الأنباري : فيكون المعنى على هذا القول : كان تحته مثل الكنز ، لأنه يُتعجَّل من نفعه أفضل مما يُنال من الأموال . قال الزجاج : والمعروف في اللغة : أن الكنز إِذا أُفرد ، فمعناه : المال المدفون المدَّخَر ، فاذا لم يكن المال ، قيل : عنده كنز علم ، وله كنز فهم ، والكنز هاهنا بالمال أشبه ، وجائز أن يكون الكنز كان مالاً ، مكتوب فيه علم ، على ما روي ، فهو مال وعِلْم عظيم . قوله تعالى : { وكان أبوهما صالحاً } قال ابن عباس : حُفِظا بصلاح أبيهما ، ولم يذكر منهما صلاحاً . وقال جعفر بن محمد عليه السلام : كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء . وقال مقاتل : كان أبوهما ذا أمانة . قوله تعالى : { فأراد ربُّك } قال ابن الأنباري : لما كان قوله : « فأردتُ » و « وأردنا » كل واحد منهما يصلح أن يكون خبراً عن الله عز وجل ، وعن الخضر ، أتبعهما بما يحصر الإِرادة عليه ، ويزيلها عن غيره ، ويكشف البُغية من اللفظتين الأولَيين . وإِنما قال : « فأردتُ » « فأردنا » « فأراد ربُّك » ، لأن العرب تؤثر اختلاف الكلام على اتِّفاقه مع تساوي المعاني ، لأنه أعذب على الألسن ، وأحسن موقعاً في الأسماع ، فيقول الرجل : قال لي فلان كذا ، وأنبأني بما كان ، وخبَّرني بما نال . فأما « الأَشُدُّ » فقد سبق ذكره في مواضع [ الأنعام : 152 ، ويوسف : 22 ، والإسراء : 34 ] ولو أن الخضر لم يُقِم الحائط لنُقض وأُخِذ ذلك الكنز قبل بلوغهما . قوله تعالى : { رحمةً من ربك } أي : رحمهما الله بذلك . { وما فعلتُه عن أمري } قال قتادة : كان عبداً مأموراً . فأما قوله { تَسْطِع } فإن « استطاع » و « اسطاع » بمعنى واحد .