Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 37-40)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فاختلف الأحزاب مِنْ بينهم } قال المفسرون : « مِنْ » زائدة ، والمعنى : اختلفوا بينهم . وقال ابن الأنباري : لما تمسَّك المؤمنون بالحق ، كان اختلاف الأحزاب بين المؤمنين مقصوراً عليهم . وفي الأحزاب قولان . أحدهما : أنهم اليهود والنصارى ، فكانت اليهود تقول : إِنه لغير رِشْدَةٍ ، والنصارى تدَّعي فيه ما لا يليق به . والثاني : أنهم فِرَق النصارى ، قال بعضهم : هو الله ، وقال بعضهم : ابن الله ، وقال بعضهم : ثالث ثلاثة . قوله تعالى : { فويل للذين كفروا } بقولهم في المسيح { مِنْ مَشْهَدِ يومٍ عظيمٍ } أي : من حضورهم ذلك اليوم للجزاء . قوله تعالى : { أَسْمِع بهم وَأَبْصِرْ } فيه قولان . أحدهما : أن لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر ؛ فالمعنى : ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة ، سمعوا وأبصروا حين لم ينفعهم ذلك لأنهم شاهدوا من أمر الله ما لا يحتاجون معه إِلى نظر وفِكر فعلموا الهدى وأطاعوا ، هذا قول الأكثرين . والثاني : أَسْمِع بحديثهم اليوم ، وأبصِرْ كيف يُصنَع بهم { يوم يَأتوننا } ، قاله أبو العالية . قوله تعالى : { لكن الظالمون } يعني : المشركين والكفار { اليومَ } يعني : في الدنيا { في ضلال مبين } . قوله تعالى : { وأَنْذِرهم } أي : خوِّف كفَّار مكة { يومَ الحسرة } يعني : يوم القيامة يتحسَّر المسيء إِذ لم يُحْسِن ، والمقصِّر إِذ لم يَزْدَدْ من الخير . وموجبات الحسرة يوم القيامة كثيرةٌ ، فمن ذلك ما روى أبو سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قيل : يا أهل الجنة ، فيشرئِبُّون وينظرون ، وقيل : يا أهل النار فيشرئبُّون وينظرون ، فيُجاء بالموت كأنه كبش أملح ، فيقال لهم : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : هذا الموت ، فيُذبَح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ؛ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وأَنذِرهم يومَ الحسرة إِذْ قُضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون } " . قال المفسرون : فهذه هي الحسرة إِذا ذُبِح الموت ، فلو مات أحد فرحاً مات أهل الجنة ، ولو مات أحد حزناً مات أهل النار . ومن موجبات الحسرة ، ما روى عديُّ بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " « يؤتى يوم القيامة بناسٍ إِلى الجنة ، حتى إِذا دَنَوْا منها واستنشقوا ريحها ونظروا إِلى قصورها ، نودوا : أن اصرفوهم عنها ، لا نصيب لهم فيها ، فيرجعون بحسرةٍ مَا رَجَعَ الأوَّلُون بمثلها ، فيقولون : يا ربنا لو أدخلْتَنا النار قبل أن تُرِيَنا ما أريتَنا كان أهون علينا ؛ قال : ذلك أردتُ بكم ، كنتم إِذا خَلَوْتُمْ بارزتموني بالعظائم ، وإِذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ، تراؤون الناس بخلاف ما تعطوني من قلوبكم ، هِبْتم الناس ولم تهابوني ، وأجللتم الناس ولم تُجِلُّوني ، تركتم للناس ولم تتركوا لي ، فاليوم أُذيقكم العذاب مع ما حرمتكم من الثواب " . ومن موجبات الحسرة ما روي عن ابن مسعود قال : ليس من نفس يوم القيامة إِلا وهي تنظر إِلى بيت في الجنة ، وبيت في النار ، ثم يقال : يعني لهؤلاء : لو عملتم ، ولأهل الجنة : لولا أن منَّ الله عليكم . ومن موجبات الحسرة : قطع الرجاءِ عند إِطباق النار على أهلها . قوله تعالى : { إِذ قُضي الأمر } قال ابن الأنباري : « قُضي » في اللغة بمعنى : أُتقن وأُحكم ، وإِنما سمِّي الحاكم قاضياً ، لإِتقانه وإِحكامه ما ينفِّذ . وفي الآية اختصار ، والمعنى : إِذ قضي الأمر الذي فيه هلاكهم . وللمفسرين في الأمر قولان . أحدهما : أنه ذبح الموت ، قاله ابن جريج ، والسدي . والثاني : أن المعنى : قُضي العذاب لهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { وهم في غفلة } أي : هم في الدنيا في غفلة عما يُصنَع بهم ذلك اليوم { وهم لا يؤمنون } بما يكون في الآخرة . قوله تعالى : { إِنّا نحن نرث الأرض } أي : نُميت سكَّانها فنرثها { ومَنْ عليها وإِلينا يُرْجَعون } بعد الموت . فإن قيل : ما الفائدة في « نحن » وقد كفت عنها « إنّا » ؟ فالجواب : أنه لما جاز في قول المعظَّم : « إِنّا نفعل » أن يوهم أن أتباعه قعلوا ، أبانت « نحن » بأن الفعل مضاف إِليه حقيقة . فإن قيل : فلم قال : « ومَنْ عليها » وهو يرث الآدميين وغيرهم ؟ ! فالجواب : أن « مَنْ » تختص أهل التمييز ، وغيرُ المميِّزين يدخلون في معنى الأرض ويجرون مجراها ، ذكر الجوابين عن السؤالين ابن الأنباري .