Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 194-194)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الشَّهْرُ الحَرامُ بِالشَّهْرِ الحَرامِ } هذه الآية نزلت على سبب ، واختلفوا فيه على قولين . أحدهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أقبل هو وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي ، فصدهم المشركون ، فصالحهم نبي الله على أن يرجع عنهم ثم يعود في العام المقبل ، فيكون بمكة ثلاث ليال ، ولا يدخلها بسلاح ، ولا يخرج بأحد من أهل مكة ، فلما كان العام المقبل ؛ أقبل هو وأصحابه فدخلوها ، فافتخر المشركون عليه إذ ردوه يوم الحديبية ، فأقصه الله منهم وأدخله مكة في الشهر الذي ردوه فيه ، فقال : { الشَّهْرُ الحَرامُ بِالشَّهْرِ الحَرامِ والحُرُماتُ قِصاصٌ } وإلى هذا المعنى ذهب ابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء ، وأبو العالية ، وقتادة ، في آخرين . والثاني : أن مشركي العرب قالوا للنبي ، عليه السلام : أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام ؟ قال « نعم » وأرادوا أن يفتروه في الشهر الحرام ، فيقاتلوه فيه ، فنزلت هذه الآية ، يقول : إن استحلّوا منكم شيئاً في الشهر الحرام ، فاستحلوا منهم مثله ، هذا قول الحسن ، واختاره إبراهيم بن السري والزجاج . فأما أرباب القول الأول ؛ فيقولون : معنى الآية : الشهر الحرام ، الذي دخلتم فيه الحرم بالشهر الحرام الذي صدوكم فيه عام أول . { والحرمات قصاص } : اقتصصت لكم منهم في ذي القعدة كما صدوكم في ذي القعدة . وقال الزجاج : الشهر الحرام ، أي : قتال الشهر الحرام بالشهر الحرام ، فأعلم الله تعالى أن أمر هذه الحرمات لا تجوز للمسلمين إلا قصاصاً ، ثم نسخ ذلك بآية السيف ، وقيل : إنما جمع الحرمات ، لأنه أراد الشهر الحرام بالبلد الحرام ، وحرمة الإحرام . قوله تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } قال ابن عباس : من قاتلكم في الحرم فقاتلوه . وإنما سمى المقابلة على الاعتداء اعتداءً ، لأن صورة الفعلين واحدة ، وإن كان أحدهما طاعة والآخر معصية . قال الزجاج : والعرب تقول : ظلمني فلان فظلمته ، أي : جازيته بظلمه . وجهل فلان عليَّ ، فجهلت عليه . وقد سبق بيان هذا المعنى في أول السورة . قوله تعالى : { واتقوا الله } قال سعيد بن جبير : واتقوا الله ، ولا تبدؤوهم بقتال في الحرم .