Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 235-235)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولا جناح عليكم } فيه قولان . أحدهما : أن معناه : فلا جناح على الرجال في تزويجهن بعد ذلك . والثاني : فلا جناح على الرجال في ترك الإنكار عليهن إذا تزينَّ وتزوجن ، قال أبو سليمان الدمشقي : وهو خطاب لأوليائهن . قوله تعالى : { فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف } فيه قولان . أحدهما : أنه التزين والتشوف للنكاح ، قاله الضحاك ، ومقاتل ، والثاني : أنه النكاح ، قاله الزهري ، والسدي ، و « الخبير » من أسماء الله تعالى ، ومعناه : العالِم بكنه الشيء ، المطلع على حقيقته ، و « الخبير » في صفة المخلوقين ، إنما يستعمل في نوع من العلم ، وهو الذي يتوصل إليه بالاجتهاد دون النوع المعلوم ببدائه العقول . وعلم الله تعالى سواء ، فيما غمض ولطف ، وفيما تجلى وظهر . قوله تعالى : { ولا جُناح عليكم فيما عرَّضتم به من خِطبة النساء } هذا خطاب لمن أراد تزويج معتدة . والتعريض : الإيماء والتلويح من غير كشف ، فهو إشارة بالكلام إلى ما ليس له في الكلام ذكر . والخِطبة بكسر الخاء : طلب النكاح ، والخُطبة بضم الخاء : مثل الرسالة التي لها أول وآخر . قال ابن عباس : التعريض أن يقول : إني أريد أن أتزوج . وقال مجاهد : أن يقول : إنكِ لجميلة ، وإِنك لحسنة ، وإنك لإلى خير . قوله تعالى : { أو أكننتم في أنفسكم } قال الفراء : فيه لغتان ، كننت الشيء ، وأكننته وقال ثعلب : أكننت الشيء : إذا أخفيته في نفسك ، وكننته : إذا سترته بشيء . وقال ابن قتيبة : أكننت الشيء : إذا سترته ، ومنه هذه الآية ، وكننته : إذا صنته ، ومنه قوله تعالى : { كأنهن بَيْض مكنون } [ الصافات : 49 ] . قال بعضهم : يجعل كننته ، وأكننته ، بمعنى . قوله تعالى : { علم الله أنكم ستذكرونهن } قال مجاهد : ذكره إياها في نفسه . قوله تعالى : { ولكن لا تواعدوهن سراً } فيه أربعة أقوال . أحدها : أن المراد بالسر هاهنا : النكاح ، قاله ابن عباس . وأنشد بيت امرئ القيس : @ ألا زعمت بسباسةُ اليوم أنني كبرتُ وأن لا يشهد السر أمثالي @@ وفي رواية : يشهد اللهو . قال الفراء : ونرى أنه مما كنى الله عنه ، كقوله تعالى : { أو جاء أحدٌ منكم من الغائط } [ النساء : 43 ] . وذكر الزجاج عن أبي عبيدة أن السر : الإفضاء بالنكاح [ المحرم ] وأنشد : @ ويَحْرمُ سِرُّ جارتهم عليهم ويأكل جارُهم أنفَ القصاع @@ قال ابن قتيبة : استعير السرّ للنكاح ، لأن النكاح يكون سراً ، فالمعنى : لا تواعدوهن بالتزويج ، [ وهن في العدة ] تصريحاً { إِلا أن تقولوا قولاً معروفاً } لا تذكرون فيه رفثاً ولا نكاحاً . والثاني : أن المواعدة سراً : أن يقول لها : إني لك محب ، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري ، روي عن ابن عباس أيضاً . والثالث : أن المراد بالسر الزنى . قاله الحسن ، وجابر بن زيد ، وأبو مجلز ، وإبراهيم ، وقتادة ، والضحاك . والرابع : أن المعنى : لا تنكحوهن في عدتهن سراً ، فاذا حلَّت أظهرتم ذلك ، قاله ابن زيد . وفي القول المعروف قولان . أحدهما : أنه التعريض لها ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، والقاسم بن محمد ، والشعبي ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وقتادة ، والسدي والثاني : أنه إعلام وليها برغبته فيها ، وهو قول عبيدة . قوله تعالى : { و لا تَعزموا عُقدة النكاح } قال الزجاج : معناه : لا تعزموا على عقدة النكاح ، وحذفت « على » استخفافاً ، كما قالوا : ضرب زيد الظَّهر والبطن ، معناه : على الظهر والبطن { حتى يبلغ الكتاب أجله } أي حتى يبلغ فرض الكتاب أجله . قال : ويجوز أن يكون « الكتاب » بمعنى « الفرض » كقوله تعالى : { كتب عليكم الصيام } [ البقرة : 183 ] . فيكون المعنى : حتى يبلغ الفرض أجله . قال ابن عباس ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، والسدي : بلوغ الكتاب أجله : انقضاء العدة . قوله تعالى : { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم } قال ابن عباس : من الوفاء ، فاحذروه أن تخالفوه في أمره . والحليم قد سبق بيانه .