Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 43-48)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { اذهبا إِلى فرعون } فائدة تكرار الأمر بالذهاب ، التوكيد . وقد فسرنا قوله : { إِنه طغى } [ طه : 24 ] . قوله تعالى : { فقولا له قولاً ليِّناً } وقرأ أبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : « ليْنا » باسكان الياء ، أي : لطفياً رفيقاً . وللمفسرين فيه خمسة أقوال . أحدها : قولا له : قل : « لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له » ، رواه خالد ابن معدان عن معاذ ، والضحاك عن ابن عباس . والثاني : أنه قوله : { هل لك إِلى أن تَزَكَّى . وأَهْدِيَكَ إِلى ربِّك فتخشى } [ النازعات : 18 ، 19 ] ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل . والثالث : كنِّيَاه ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال السدي . فأما اسمه ، فقد ذكرناه في [ البقرة : 49 ] . وفي كنيته أربعة أقوال . أحدها : أبو مُرَّة ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أبو مصعب ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . والثالث : أبو العباس . والرابع : أبو الوليد ، حكاهما الثعلبي . والقول الرابع : قولا له : إِن لكَ ربّاً ، وإِن لكَ مَعَاداً ، وإِن بين يديكَ جَنَّة وناراً ، قاله الحسن . والخامس : أن القول اللين : أن موسى أتاه ، فقال له : تؤمن بما جئتُ به وتعبد ربَّ العالمين ، على أن لكَ شبابك فلا تهرم ، وتكون مَلِكاً لا يُنزع منك حتى تموت ، فإذا متَّ دخلتَ الجنة ، فأعجبه ذلك ؛ فلما جاء هامان ، أخبره بما قال موسى ، فقال : قد كنتُ أرى أن لكَ رأياً ، أنت ربٌّ أردتَ أن تكون مربوباً ؟ ! فقلبه عن رأيه ، قاله السدي . وحكي عن يحيى بن معاذ أنه قرأ هذه الآية ، فقال : إِلهي هذا رِفقك بمن يقول : أنا إله ، فكيف رِفقك بمن يقول : أنت إِله . قوله تعالى : { لَعَلَّه يتذكر أو يخشى } قال الزجاج : « لَعَلَّ » في اللغة : ترجٍّ وطمع ، تقول : لَعَلِّي أصير إِلى خير ، فخاطب الله عز وجل العباد بما يعقلون . والمعنى عند سيبويه : اذهبا على رجائكما وطمعكما . والعلم من الله تعالى من وراء ما يكون ، وقد عَلِم أنه لا يتذكر ولا يخشى ، إِلا أن الحُجَّة إِنما تجب عليه بالآية والبرهان ، وإِنما تُبعث الرسل وهي لا تعلم الغيب ولا تدري أيُقبل منها ، أم لا ، وهم يرجون ويطمعون أن يُقبل منهم ، ومعنى « لعلَّ » متصوَّر في أنفسهم ، وعلى تصوُّر ذلك تقوم الحُجَّة . قال ابن الأنباري : ومذهب الفراء في هذا : كي يتذكَّر . وروى خالد بن معدان عن معاذ قال : والله ما كان فرعون ليخرج من الدنيا حتى يتذكَّر أو يَخْشى ، لهذه الآية ، وإِنَّه تذكَّر وخشي لمَّا أدركه الغرق . وقال كعب : والذي يحلِفُ به كعب ، إِنه لمكتوب في التوراة : فقولا له قولاً ليِّناً ، وسأقسِّي قلبه فلا يؤمن . قال المفسرون : كان هارون يؤمئذ غائباً بمصر ، فأوحى الله تعالى إِلى هارون أن يتلقَّى موسى ، فتلقَّاه على مرحلة ، فقال له موسى : إِن الله تعالى أمرني أن آتيَ فرعون ، فسألتُه أن يجعلكَ معي ؛ فعلى هذا يحتمل أن يكونا حين التقيا قالا : ربَّنا إِننا نخاف . قال ابن الأنباري : ويجوز أن يكون القائل لذلك موسى وحده ، واخبر الله عنه بالتثنية لمَّا ضم إِليه هارون ، فإن العرب قد تُوقع التثنية على الواحد ، فتقول : يا زيد قوما ، يا حرسيُّ اضربا عنقه . قوله تعالى : { أن يَفْرُط علينا } وقرأ عبد الله بن عمرو ، وابن السميفع ، وابن يعمر ، وأبو العالية : « أن يُفْرِط » برفع الياء وكسر الراء . وقرأ عكرمة ، وإِبراهيم النخعي : « أن يَفْرَط » بفتح الياء والراء . وقرأ أبو رجاء العطاردي ، وابن محيصن : « أن يُفْرَط » برفع الياء وفتح الراء . قال الزجاج : المعنى ، أن يبادر بعقوبتنا ، يقال : قد فَرَط منه أمر ، أي : قد بَدَر ؛ وقد أفرط في الشيء : إِذا اشتطَّ فيه ؛ وفرَّط في الشيء : إِذا قصَّر ؛ ومعناه كلُّه : التقدم في الشيء ، لأن الفَرَط في اللغة : المتقدِّم ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " أنا فَرَطُكم على الحوض " . قوله تعالى : { أو أن يطغى } فيه قولان . أحدهما : يستعصي ، قاله مقاتل . والثاني : يجاوز الحدَّ في الإِساءة إِلينا . قال ابن زيد : نخاف أن يعجِّل علينا قبل أن نبلِّغه كلامك وأمرك . قوله تعالى : { إِنني معكما } أي : بالنصرة والعون { أسمع } أقوالكم { وأرى } أفعالكم . قال الكلبي : أسمعُ جوابَه لكما ، وأرى ما يفعل بكما . قوله تعالى : { فأَرسِلْ معنا بني إِسرائيل } أي : خلِّ عنهم { ولا تعذِّبهم } وكان يستعملهم في الأعمال الشاقَّة ، { قد جئناكَ بآية من ربِّك } قال ابن عباس : هي العصا . قال مقاتل : أظهر اليد في مقام ، والعصا في مقام . قوله تعالى : { والسلامُ على من اتَّبع الهُدى } قال مقاتل : على مَنْ آمن بالله . قال الزجاج : وليس يعني به التحيَّة ، وإِنما معناه : أن مَن اتَّبع الهُدى ، سَلِم من عذاب الله وسخطه ، والدليل على أنه ليس بسلام ، أنه ليس بابتداء لقاءٍ وخطاب . قوله تعالى : { على مَنْ كَذَّب } أي : بما جئنا به وأعرض عنه .