Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 49-55)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قال فَمَنْ ربُّكما } في الكلام محذوف معناه معلوم ، وتقديره : فأتَياه فأَدَّيا الرسالة . قال الزجاج : وإِنما لم يقل : فأتَياه ، لأن في الكلام دليلاً على ذلك ، لأن قوله : « فمن ربُّكما » يدل على أنهما أتياه وقالا له . قوله تعالى : { أعطى كُلَّ شيء خَلْقَه } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أعطى كُلَّ شيء صورته ، فخلق كُلَّ جنس من الحيوان على غير صورة جنسه ، فصورة ابن آدم لا كصورة البهائم ، وصورة البعير لا كصورة الفرس ، روى هذا المعنى الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير . والثاني : أعطى كل ذكر زوجَه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال السدي ، فيكون المعنى : أعطى كُلَّ حيوان ما يشاكله . والثالث : أعطى كل شيء ما يُصْلِحه ، قاله قتادة . وفي قوله : { ثم هدى } ثلاثة أقوال . أحدها : هدى كيف يأتي الذَّكَرُ الأنثى ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال ابن جبير . والثاني : هدى للمنكح والمطعم والمسكن ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث : هدى كل شيء إِلى معيشته ، قاله مجاهد . وقرأ عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، والأعمش ، وابن السميفع ، ونصير عن الكسائي : « أعطى كُلَّ شيء خَلَقَهُ » بفتح اللام . فإن قيل : ما وجه الاحتجاج على فرعون من هذا ؟ فالجواب : أنه قد ثبت وجود خَلْق وهداية ، فلا بد من خالقٍ وهادٍ . قوله تعالى : { قال فما بال القرون الأولى } اختلفوا فيما سأل عنه من حال القرون الأولى على ثلاثة أقوال . أحدها : أنه سأله عن أخبارها وأحاديثها ، ولم يكن له بذلك عِلْم ، إِذ التوراة إِنما نزلت عليه بعد هلاك فرعون ، فقال : { عِلْمها عند ربِّي } ، هذا مذهب مقاتل . وقال غيره : أراد : إِنِّي رسول ، وأخبار الأمم عِلْم غيب ، فلا علم لي بالغيب . والثاني : أن مراده من السؤال عنها : لم عُبدت الأصنامُ ، ولِم لم يُعبدِ اللهُ إِن كان الحقُّ ما وصفتَ ؟ ! والثالث : أن مراده : ما لها لا تُبعث ولا تُحاسَب ولا تجازى ؟ ! فقال : عِلْمها عند الله ، أي : عِلْم أعمالها . وقيل : الهاء في « عِلْمُها » كناية عن القيامة ، لأنه سأله عن بعث الأمم ، فأجابه بذلك . وقوله : { في كتاب } أراد : اللوح المحفوظ . قوله تعالى : { لا يضلُّ ربِّي ولا يَنْسى } وقرأ عبد الله بن عمرو ، وعاصم الجحدري ، وقتادة ، وابن محيصن : « لا يُضِلُّ » بضم الياء وكسر الضاد ، أي : لا يضيِّعه . وقرأ أبو المتوكل ، وابن السميفع : « لا يُضَل » بضم الياء وفتح الضاد . وفي هذه الآية توكيد للجزاء على الأعمال ، والمعنى : لا يخطىء ربي ولا ينسى ما كان من أمرهم حتى يجازيهم بأعمالهم . وقيل : أراد : لم يجعل ذلك في كتاب لأنه يضل وينسى . قوله تعالى : { الذي جَعَل لكم الأرض مهاداً } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : « مهاداً » . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : « مهداً » بغير ألف . والمهاد : الفراش ، والمهد : الفرش . { وسلك لكم } أي : أدخل لأجْلكم في الأرض طُرُقاً تسلكونها ، { وأنزل من السماء ماءً } يعني : المطر . وهذا آخر الإِخبار عن موسى . ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بقوله : { فأخرجنا به } يعني : بالماء { أزواجاً من نبات شتّى } أي : أصنافاً مختلفة في الألوان والطُّعوم ، كل صنف منها زوج . و « شتى » لا واحد له من لفظه . { كُلُوا } أي : مما أخرجنا لكم من الثمار { وارعَوْا أنعامكم } يقال : رعى الماشية ، يرعاها : إِذا سرَّحها في المرعى . ومعنى هذا الأمر : التذكير بالنِّعم ، { إِنَّ في ذلكَ لآياتٍ } أي : لَعِبَراً في اختلاف الألوان والطعوم { لأولي النُّهى } قال الفراء : لذوي العقول ، يقال للرجل : إِنه لذو نُهْيَةٍ : إِذا كان ذا عقل . قال الزجاج : واحد النُّهى : نُهْيَة ، يقال : فلان ذو نُهْيَة ، أي : ذو عقل ينتهي به عن المقابح ، ويدخل به في المحاسن ؛ قال : وقال بعض أهل اللغة : ذو النُّهية : الذي يُنتهى ِإِلى رأيه وعقله ، وهذا حسن أيضاً . قوله تعالى : { منها خلقناكم } يعني : الأرض المذكورة في قوله : « جعل لكم الأرض مهاداً » . والإِشارة بقوله : « خلقناكم » إِلى آدم ، والبشر كلُّهم منه . { وفيها نُعِيدكم } بعد الموت { ومنها نُخْرِجكم تارة } أي : مَرَّة { أُخرى } بعد البعث ، يعني : كما أخرجناكم منها أولاً عند خلق آدم من الأرض .