Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-89)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وما أعجلك عن قومك يا موسى } قال المفسرون : لما نجَّى الله تعالى بني إِسرائيل وأغرق فرعون ، قالوا : يا موسى ، لو أتيتنا بكتاب من عند الله ، فيه الحلال والحرام والفرائض ، فأوحى الله [ إِليه يَعِدُهُ ] أنه ينزل عليه ذلك في الموضع الذي كلَّمه فيه ، فاختار سبعين ، فذهبوا معه إِلى الطور لأخذ التوراة ، فعَجِل موسى من بينهم شوقاً إِلى ربه ، وأمرهم بلحاقه ، فقال الله تعالى له : ما الذي حملك على العجلة عن قومك ، { قال هم أولاء } أي : هؤلاء { على أثري } ، وقرأ أبو رزين العقيلي ، وعاصم الجحدري : « على إِثْري » بكسر الهمزة وسكون الثاء . وقرأ عكرمة ، وأبو المتوكل ، وابن يعمر ، برفع الهمزة وسكون الثاء . وقرأ أبو رجاء ، وأبو العالية : بفتح الهمزة وسكون الثاء . والمعنى : هم بالقرب مني يأتون بعدي { وعجلت إِليك ربِّ لترضى } أي : لتزداد رضىً ، { قال فإنَّا قد فتنَّا قومك } قال الزجاج : ألقيناهم في فتنة ومحنة ، واختبرناهم . قوله تعالى : { من بعدك } أي : من بعد انطلاقك من بينهم { وأضلَّهم السامريّ } أي : كان سبباً لإِضلالهم . وقرأ معاذ القارىء ، وأبو المتوكل ، وعاصم الجحدري ، وابن السميفع : « وأضلُّهم » برفع اللام . وقد شرحنا في [ البقرة : 52 ] سبب اتخاذ السامري العجل ، وشرحنا في [ الأعراف : 150 ] معنى قوله تعالى : { غضبان أسفاً } . قوله تعالى : { ألم يعدْكم ربكم وَعْداً حسناً } أي : صدقاً ، وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : إِعطاء التوراة . والثاني : قوله : { لئن أقمتم الصلاة } إِلى قوله : { لأكفِّرن عنكم سيآتكم … } الآية : [ المائدة : 13 ] ، وقوله : { وإِني لغفار لمن تاب } [ طه : 82 ] . والثالث : النصر والظَّفَر . قوله تعالى : { أفطال عليكم العهد } أي : مدة مفارقتي إِياكم { أم أردتم أن يحلَّ عليكم غضب من ربِّكم } أن تصنعوا صنيعاً يكون سبباً لغضب ربكم { فأخلفتم موعدي } أي : عهدي ، وكانوا قد عاهدوه أنه إِن فكَّهم الله من مَلَكَة آل فرعون ، أن يعبدوا الله ولا يشركوا به ، ويقيموا الصلاة ، وينصروا الله ورسله . { قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر : بكسر الميم ، وقرأ نافع ، وعاصم : بفتح الميم . وقرأ حمزة ، والكسائي : بضم الميم . قال أبو علي : وهذه لغات . وقال الزجاج : المُلْك ، بالضم : السلطان والقدرة . والمِلْك ، بالكسر : ما حوته اليد . والمَلْك ، بالفتح : المصدر ، يقال : ملكت الشيء أملكه ملكاً . وللمفسرين في معنى الكلام أربعة أقوال . أحدها : ما كنا نملك الذي اتُّخذ منه العجلُ ، ولكنها كانت زينة آل فرعون ، فقذفناها ، قاله ابن عباس . والثاني : بطاقتِنا ، قاله قتادة ، والسدي . والثالث : لم نملك أنفسنا عند الوقوع في البليَّة ، قاله ابن زيد . والرابع : لم يملك مؤمنونا سفهاءنا ، ذكره الماوردي . فيخرَّج فيمن قال هذا لموسى قولان . أحدهما : أنهم الذين لم يعبُدوا العجل . والثاني : عابدوه . قوله تعالى : { ولكنَّا حُمّلنا أوزاراً } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : « حُمِّلْنا » بضم الحاء وتشديد الميم . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « حملنا » خفيفة . والأوزار : الاثقال . والمراد بها : حلي آل فرعون الذي كانوا استعاروه منهم قبل خروجهم من مصر . فمن قرأ « حُمِّلنا » بالتشديد ، فالمعنى : حَمَّلنَا [ ها ] موسى ، أمَرَنا باستعارتها من آل فرعون ، { فقذفناها } أي : طرحناها في الحفيرة . وقد ذكرنا سبب قذفهم إِياها في سورة [ البقرة : 52 ] . قوله تعالى : { فكذلك ألقى السامري } فيه قولان . أحدهما : أنه ألقى حلياً كما ألقَوْا . والثاني : ألقى ما كان معه من تراب حافر فرس جبريل . وقد سبق شرح القصة في [ البقرة : 52 ] ، وذكرنا في [ الأعراف : 148 ] معنى قوله تعالى : { عجلاً جسداً له خوار } . قوله تعالى : { فقالوا هذ إِلهكم } هذا قول السامري ومن وافقه من الذين افتُتنوا . قوله تعالى : { فنسي } في المشار إِليه بالنسيان قولان . أحدهما : أنه موسى . ثم في المعنى ثلاثة أقوال . أحدها : هذا إِلهكم وإِله موسى فنسي موسى أن يخبركم أن هذا إِلهه ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : فنسي موسى الطريق إِلى ربه ، روي عن ابن عباس أيضاً . والثالث : فنسي موسى إِلهه عندكم ، وخالفه في طريق آخر ، قاله قتادة . والثاني : أنه السامري ، والمعنى : فنسي السامريُّ إِيمانه وإِسلامه ، قاله ابن عباس . وقال مكحول : فنسي ، أي : فترك السامريُّ ما كان عليه من الدين . وقيل : فنسي أن العجل لا يرجع إِليهم قولاً ، ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً . فعلى هذا القول ، يكون قوله تعالى : { فنسي } من إِخبار الله عز وجل عن السامري . وعلى ما قبله ، فيمن قاله قولان . أحدهما : أنه السامريُّ . والثاني : بنو إِسرائيل . قوله تعالى : { أفلا يرون ألاَّ يرجعُ } قال الزجاج : المعنى : أفلا يرون أنه لا يرجع « إِليهم قولاً » .