Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 30-33)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أولم ير الذين كفروا } أي : أولم يعلموا . وقرأ ابن كثير : « ألم ير الذين كفروا » بغير واو بين الألف واللام ، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة ، { أنَّ السموات والأرض كانتا رَتْقاً ففتقناهما } قال أبو عبيدة : السموات جمع ، والأرض واحدة ، فخرجت صفة لفظ الجمع على لفظ صفة الواحد والعرب تفعل هذا إِذا أشركوا بين جمع وبين واحد ؛ والرَّتْق مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث سواء ، ومعنى الرَّتْق : الذي ليس فيه ثقب . قال الزجاج : المعنى : كانتا ذواتَي رَتْق ، فجعلهما ذوات فتق ، وإِنما لم يقل : « رَتْقَيْنِ » لأن الرَّتق مصدر . وللمفسرين في المراد به ثلاثة أقوال . أحدها : أن السموات كانت رَتْقاً لا تُمْطِر ، وكانت الأرض رَتْقاً لا تُنْبِت ، ففتق هذه بالمطر ، وهذه بالنبات . رواه عبد الله بن دينار عن ابن عباس ، وبه قال عطاء ، وعكرمة ، ومجاهد في رواية ، والضحاك في آخرين . والثاني : أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ، ففتقهما الله تعالى ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة . والثالث : أنَّه فَتق من الأرض ست أرضين فصارت سبعاً ، ومن السماء ست سموات فصارت سبعاً ، رواه السدي عن أشياخه ، وابن أبي نجيح عن مجاهد . قوله تعالى : { وجَعَلْنَا من الماء كلَّ شيء حيٍّ } وقرأ معاذ القارىء ، وابن أبي عبلة ، وحميد بن قيس : « كلَّ شيء حيّاً » بالنصب . وفي هذا الماء قولان . أحدهما : أنه الماء المعروف ، والمعنى : جعلنا الماء سبباً لحياة كل حيٍّ ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه النُّطفة ، قاله أبو العالية . قوله تعالى : { وجعلنا في الأرض رواسي } قد فسرناه في [ النحل 15 ] . قوله تعالى : { وجعلنا فيها } أي : في الرواسي { فِجَاجاً } ، قال أبو عبيدة : هي المسالك . قال الزجاج : الفِجَاج جمع فَجّ ، وهو كل منخَرق بين جبلين ، ومعنى { سُبُلاً } طرقاً . قال ابن عباس : جعلنا من الجبال طُرُقاً كي تهتدوا إِلى مقاصدكم في الأسفار . قال المفسرون : وقوله : « سبلاً » تفسير للفِجَاج ، وبيان أن تلك الفِجَاج نافذة مسلوكة ، فقد يكون الفَجُّ غير نافذ . { وجعلنا السماء سقفاً } أي : هي للأرض كالسقف . وفي معنى { محفوظاً } قولان . أحدهما : بالنجوم من الشياطين ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : محفوظاً من الوقوع إِلا باذن الله ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { وهُمْ } يعني : كفار مكة { عن آياتها } أي : شمسها وقمرها ونجومها ، قال الفراء : وقرأ مجاهد : « عن آيتها » فوحَّده ، فجعل السماء بما فيها آية ؛ وكلٌّ صوابٌ . قوله تعالى : { كلٌّ } يعني : الطوالع { في فَلَك } قال ابن قتيبة : الفَلَك : مدار النجوم الذي يضمُّها ، وسمَّاه فَلَكاً ، لاستدارته . ومنه قيل : فَلْكَة المِغْزَل ، وقد فَلكَ ثَدْيُ المرأة . قال أبو سليمان : وقيل : إِن الفَلَك كهيئة الساقية من ماء مستديرة دون السماء وتحت الأرض ، فالأرض وسطها ، والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار يجرون في الفَلَك ، وليس الفَلَك يُديرها . ومعنى « يَسْبَحون » : يَجْرُون . قال الفراء : لمَّا كانت السِّباحة من أفعال الآدميين ، ذُكِرَتْ بالنون ، كقوله : { رأيتُهم لي ساجدين } [ يوسف : 4 ] ، لأن السجود من أفعال الآدميين .