Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 68-73)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وانصروا آلهتكم } أي : بتحريقه ، لأنه يَعيبها { إِن كنتم فاعلين } أي : ناصريها . الإِشارة إِلى القصة ذكر أهل التفسير أنهم حبسوا إِبراهيم عليه السلام في بيت ثم بنَوا له حَيْراً طول جداره ستون ذراعاً إِلى سفح جبل منيف ، ونادى منادي الملك : أيها الناس احتطبوا لإِبراهيم ، ولا يتخلفنَّ عن ذلك صغير ولا كبير ، فمن تخلَّف أُلقي في تلك النار ، ففعلوا ذلك أربعين ليلة ، حتى إِن كانت المرأة لتقول : إِن ظفرتُ بكذا لأحتطبنَّ لنار إِبراهيم ، حتى إِذا كان الحطب يساوي رأس الجدار سدوا أبواب الحَيْر وقذفوا فيه النار ، فارتفع لهبها ، حتى إِن كان الطائر ليمرُّ بها فيحترق من شدة حرِّها ، ثم بنَوا بنياناً شامخاً ، وبنَوا فوقه منجنيقاً ، ثم رفعوا إِبراهيم على رأس البنيان ، فرفع إِبراهيم رأسه إِلى السماء ، فقال : اللهم أنت الواحد في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ، ليس في الأرض أحد يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل ؛ فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة : ربَّنا إِبراهيمُ يُحرَق فيكَ ، فائذن لنا في نصرته ؛ فقال : أنا أعلمُ به ، وإِن دعاكم فأغيثوه ؛ فقذفوه في النار وهو ابن ست عشرة سنة ، وقيل : ست وعشرين ، فقال : « حسبي الله ونعم الوكيل » . فاستقبله جبريل ، فقال : يا إِبراهيم ألكَ حاجة ؟ قال : أمّا إِليك فلا ، قال جبريل : فسل ربَّك ، فقال : « حسبي من سؤالي علْمُه بحالي » ، فقال الله عز وجل : { يا نارُ كوني بَرْداً وسلاماً على إِبراهيم } ، فلم تبق نار على وجه الأرض يومئذ إِلا طُفئت وظنَّت أنها عُنيت . وزعم السدي أن جبريل هو الذي ناداها . وقال ابن عباس : لو لم يُتبع بردها سلاماً لمات إِبراهيم من بردها . قال السدي : فأخذت الملائكة بضَبْعَي إِبراهيم فأجلسوه على الأرض ، فإذا عين من ماءٍ عذْب ، وورد أحمر ، ونرجس . قال كعب ووهب : فما أحرقت النار من إِبراهيم إِلا وَثاقه ، وأقام في ذلك الموضع سبعة أيام ، وقال غيرهما : أربعين أو خمسين يوماً ، فنزل جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة ، فألبسه القميص ، وأجلسه على الطنفسة وقعد معه يحدثه . وإِن آزر أتى نمرود فقال : أئذن لي أن أُخرِج عظام إِبراهيم فأدفنها ، فانطلق نمرود ومعه الناس ، فأمر بالحائط فنُقب ، فإذا إِبراهيم في روضة تهتزُّ وثيابه تندى ، وعليه القميص وتحته الطنفسة والملَك إِلى جنبه ، فناداه نمرود : يا إِبراهيم ، إِن إلهك الذي بلغتْ قُدرته هذا لكبيرٌ ، هل تستطيع أن تخرج ؟ قال : نعم ، فقام إِبراهيم يمشي حتى خرج ، فقال : مَن الذي رأيتُ معك ؟ قال ملَك أرسله إِليَّ ربِّي ليؤنسني ، فقال نمرود : إِني مقرِّب لإِلهك قرباناً لِما رأيتُ من قدرته ، فقال : إِذن لا يقبل الله منكَ ما كنتَ على دينك ، فقال : يا إِبراهيم ، لا أستطيع ترك ملكي ، ولكن سوف أذبح له ، فذبح القربان وكفَّ عن إِبراهيم . قال المفسرون : ومعنى « كُوني بَرْداً » أى : ذات برد « وسلاماً » أي : سلامة . { وأرادوا به كيداً } وهو التحريق بالنار { فجعلناهم الأخسرين } وهو أن الله تعالى سلَّط البعوض عليهم حتى أكل لحومهم وشرب دماءهم ، ودخلت واحدة في دماع نمرود حتى أهلكته ، والمعنى : أنهم كادوه بسوء ، فانقلب السوء عليهم . قوله تعالى : { ونجَّيناه } أي : من نمرود وكيده { ولوطاً } وهو ابن أخي إِبراهيم ، وهو لوط بن هاران بن تارح ، وكان قد آمن به ، فهاجرا من أرض العراق إِلى الشام . وكانت سارة مع ابراهيم في قول وهب . وقال السدي : إِنما هي إبنة ملك حرَّان ، لقيها إِبراهيم فتزوجها على أن لا يغيرها ، وكانت قد طعنت على قومها في دينهم . فأما قوله تعالى { إِلى الأرض التي باركنا فيها } ، ففيها قولان . أحدهما : أنها أرض الشام ، وهذا قول الأكثرين . وبَرَكتها : أن الله عزّ وجل بعث أكثر الأنبياء منها ، وأكثر فيها الخصب والثمار والأنهار . والثاني : أنها مكة ، رواه العوفي عن ابن عباس . والأول أصح . قوله تعالى : { وَوَهبْنا له } يعني : إِبراهيم { إِسحاق ويعقوب نافلة } ، وفي معنى النافلة قولان . أحدهما : أنها بمعنى الزيادة ، والمراد بها : يعقوب خاصة ، فكأنه سأل واحداً ، فأُعطي اثنين ، وهذا مذهب ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، والفراء . والثاني : أن النافلة بمعنى العطية ، والمراد : بها إِسحاق ويعقوب ، وهذا مذهب مجاهد ، وعطاء . قوله تعالى : { وكُلاًّ جعلنا صالحين } يعني : إِبراهيم وإِسحاق ويعقوب . قال أبو عبيدة : « كُلٌّ » يقع خبره على لفظ الواحد ، لأن لفظه لفظ الواحد ، ويقع خبره على لفظ الجميع ، لأن معناه معنى الجميع . قوله تعالى : { وجعلناهم أئمة } أي : رؤوساً يُقتدى بهم في الخير { يَهْدون بأمرنا } أي : يَدْعون الناس إِلى ديننا بأمرنا إِيَّاهم بذلك { وأوحينا إِليهم فعل الخيرات } قال ابن عباس : شرائع النبوَّة . وقال مقاتل : الأعمال الصالحة . { وإِقامَ الصلاة } قال الزجاج : حذفُ الهاء من « إِقامة الصلاة » قليلٌ في اللغة ، تقول : أقام إِقامة ، والحذف جائز ، لأن الإِضافة عوض من الهاء .