Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 93-100)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وحرام على قرية } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : « وحرام » بألف . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « وحِرْم » بكسر الحاء من غير ألف ، وهما لغتان . يقال : حِرْم وحرام . وقرأ معاذ القارىء ، وأبو المتوكل ، وأبو عمران الجوني : « حَرْمٌ » بفتح الحاء وسكون الراء من غير ألف والميم مرفوعة منوَّنة . وقرأ سعيد بن جبير : « وحَرْمَ » بفتح الحاء وسكون الراء وفتح الميم من غير تنوين ولا ألف . وقرأ أبو الجوزاء ، وعكرمة ، والضحاك : « وحَرِمَ » بفتح الحاء والميم وكسر الراء من غير تنوين ولا ألف . وقرأ سعيد بن المسيب ، وأبو مجلز ، وأبو رجاء : « وحَرُمَ » بفتح الحاء وضم الراء ونصب الميم من غير ألف . وفي معنى قوله تعالى : « وحرام » قولان . أحدهما : واجب ، قاله ابن عباس ، وأنشدوا في معناه : @ فَإنَّ حَرَاماً لاَ أَرَى الدَّهْرَ بَاكِياً عَلَى شَجْوِه إِلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو @@ أي : واجب . والثاني : أنه بمعنى العزم ، قاله سعيد بن جبير . وقال عطاء : حتم من الله . والمراد بالقرية : أهلها . ثم في معنى الآية أربعة أقوال . أحدها : واجب على قرية أهلكناها أنهم لا يتوبون ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : واجب عليها أنها إِذا أُهلكت لا ترجع إِلى دنياها ، هذا قول قتادة ؛ وقد روي عن ابن عباس نحوه . والثالث : أن « لا » زائدة ؛ والمعنى : حرام على قرية مهلكة أنهم يرجعون إِلى الدنيا ، قاله ابن جريج ، وابن قتيبة في آخرين . والرابع : أن الكلام متعلق بما قبله ، لأنه لما قال : « فلا كفران لسعيه » أعلمنا أنه قد حرَّم قبول أعمال الكفار ؛ فمعنى الآية : وحرام على قرية أهلكناها أن يُتقبَّل منهم عمل ، لأنهم لا يتوبون ، هذا قول الزجاج . فإن قيل : كيف يصح أن يحرم على الإِنسان ما ليس من فعله ، ورجوعهم بعد الموت ليس إِليهم ؟ فالجواب : أن المعنى : مُنعوا من ذلك ، كما يُمنع الإِنسان من الحرام وإِن قدر عليه ، فكان التشبيه بالتحريم للحالتين من حيث المنع . قوله تعالى : { حتى إِذا فُتِحَتْ يأجوجُ ومأجوجُ } وقرأ ابن عامر : « فُتِّحت » بالتشديد ، والمعنى : فُتح الردم عنهم { وهم من كل حَدب } قال ابن قتيبة : من كل نشَز من الأرض وأكَمة { يَنْسِلون } من النَّسَلان : وهو مقاربة الخطو مع الإِسراع ، كمشي الذئب إِذا بادر ، والعَسَلان مثله . وقال الزجاج : الحَدَبُ : كل أَكَمَة ، و « يَنْسِلون » : يُسرعون . وقرأ أبو رجاء العطاردي ، وعاصم الجحدري : « يَنْسُلون » بضم السين . وفي قوله تعالى : { وهم } قولان . أحدهما : أنه إِشارة إِلى يأجوج ومأجوج ، قاله الجمهور . والثاني : إِلى جميع الناس ؛ فالمعنى : وهم يُحشَرون إِلى الموقف ، قاله مجاهد . والأول أصح . فإن قيل : أين جواب « حتى » ؟ ففيه قولان . أحدهما : أنه قوله تعالى : { واقترب الوعد الحق } والواو في قوله تعالى : « واقترب » زائدة ، قاله الفراء . قال : ومثله { حتى إِذا جاؤوها وفتحت أبوابها } [ الزمر : 73 ] ، وقوله تعالى : { فلما أسلما وتله للجبين ، وناديناه } [ الصافات : 103 ، 104 ] ، المعنى : نادينا . وقال عبد الله بن مسعود : الساعة من الناس بعد يأجوج ومأجوج ، كالحامل المتمّ ، لا يدري أهلها متى تفجؤُهم بولدها ليلاً أو نهاراً . والثاني : أنه قول محذوف في قوله : { يا ويلنا } ، فالمعنى : حتى إِذا فُتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد ، قالوا : يا ويلنا . قال الزجاج : هذا قول البصريين . فأما { الوعد الحق } فهو القيامة . قوله تعالى : { فإذا هي } في « هي » أربعة أقوال . أحدها : أن « هي » كناية عن الأبصار ، والأبصار تفسير لها ، كقول الشاعر : @ لَعَمْرُو أبِيها لا تَقُولُ ظَعِينَتي أَلاَ فَرَّعَنِّي مَالكُ بن أبِي كَعْبِ @@ فذكر الظعينة ، وقد كنى عنها في « لعمرو أبيها » . والثاني : أن « هي » [ ضمير فصل ، و ] عمادٌٌ ، ويصلح في موضعها « هو » ، ومثله قوله : { إِنه أنا الله } [ النمل : 9 ] ، وقوله : { فإنها لا تعمى الأبصار } [ الحج : 46 ] ، وأنشدوا : @ بثوبٍ وَدينارٍ وشاةٍ ودرهمٍ فهَل هو مَرفوع بما هَاهُنا رأْس @@ ذكرهما الفراء . والثالث : أن يكون تمام الكلام عند قوله : « هي » على معنى : فإذا هي بارزة واقفة ، يعني : من قربها ، كأنها آتية حاضرة ، ثم ابتدأ فقال : { شاخصة } ، ذكره الثعلبي . والرابع : أن « هي » كناية عن القصة ، والمعنى : القصة أن أبصارهم شاخصة في ذلك اليوم ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري . قال المفسرون : تشخص أبصار الكفار من هول يوم القيامة ، ويقولون : { يا ويلنا قد كنا } أي : في الدنيا { في غفلة من هذا } أي : عن هذا { بل كنا ظالمين } أنفسنا بكفرنا ومعاصينا . ثم خاطب أهل مكة ، فقال : { إِنكم وما تعبدون من دون الله } يعني : الأصنام { حَصَبُ جهنم } وقرأ علي بن أبي طالب ، وأبو العالية ، وعمر بن عبد العزيز : « حَطَب » بالطاء . وقرأ ابن عباس ، وعائشة ، وابن السميفع : « حَضَب » بالضاد المعجمة المفتوحة . وقرأ عروة ، وعكرمة ، وابن يعمر ، وابن أبي عبلة : « حَضْب جهنم » بإسكان الضاد المعجمة . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو حيوة ، ومعاذ القارىء : « حِضْب » بكسر الحاء مع تسكين الضاد المعجمة . وقرأ أبو مجلز ، وأبو رجاء ، وابن محيصن : « حَصْب » بفتح الحاء وبصاد غير معجمة ساكنة . قال الزجاج : من قرأ « حصَب جهنم » فمعناه : كلُّ ما يرمى به فيها ، ومن قرأ « حطب » فمعناه : ما تُوقَد به ، ومن قرأ بالضاد المعجمة ، فمعناه : ما تهيج به النار وتُذْكى به . قال ابن قتيبة : الحصَب : ما أُلقي فيها ، وأصله من الحَصْباء ، وهو : الحصى ، يقال : حصبتُ فلاناً : إِذا رميتَه ، حَصْباً ، بتسكين الصاد ، وما رَمَيْتَ به فهو حَصَب ، بفتح الصاد . قوله تعالى : { أنتم } يعني : العابدين والمعبودين { لها واردون } أي : داخلون . { لو كان هؤلاء } يعني : الأصنام { آلهةً } على الحقيقة { ما وردوها } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه إِشارة إِلى الأصنام ، والمعنى : لو كانوا آلهةً ما دخلوا النار . والثاني : أنه إِشارة إِلى عابديها ، فالمعنى : لو كانت الأصنام آلهة ، منعت عابديها دخول النار . والثالث : أنه إِشارة إِلى الآلهة وعابديها ، بدليل قوله تعالى : { وكلٌّ فيها خالدون } يعني : العابد والمعبود . قوله تعالى : { لهم فيها زفير } قد شرحنا معنى الزفير في [ هود : 106 ] . وفي علَّة كونهم لا يسمعون ثلاثة أقوال . أحدها : أنه يوضع في مسامعهم مسامير من نار ، ثم يُقذَفون في توابيت من نار مقفلة عليهم ، رواه أبو أُمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل . وقال ابن مسعود : إِذا بقي في النار مَنْ يخلَّد فيها جُعلوا في توابيت من نار ، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت أخرى ، فلا يسمعون شيئاً ، ولا يرى أحدهم أن في النار أحداً يعذَّب غيرُه . والثاني : أن السماع أُنْسٌ ، والله لا يحب أن يؤنسَهم ، قاله عون بن عمارة . والثالث : إِنما لم يسمعوا لشدة غليان جهنم ، قاله أبو سليمان الدمشقي .