Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 36-38)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { في بُيُوتٍ } قال الزجاج : « في » مِن صلةِ قوله : { كمشكاة } ، فالمعنى : كمشكاة في بيوت ؛ ويجوز أن تكون متصلة بقوله : { يسبِّح له فيها } فتكون فيها تكريراً على التوكيد ؛ والمعنى : يسبِّح لله رجال في بيوت . فان قيل : المشكاة إِنما تكون في بيت واحد ، فكيف قال : { في بيوت } ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه من الخطاب المتلوِّن الذي يُفتح بالتوحيد ويُختم بالجمع ، كقوله تعالى : { يا أيها النبيُّ إِذا طلَّقتم النساء } [ الطلاق : 1 ] . والثاني : أنه راجع إِلى كل واحد من البيوت ، فالمعنى : في كل بيت مشكاة . وللمفسرين في المراد بالبيوت هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها : أنها المساجد ، قاله ابن عباس ، والجمهور . والثاني : بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله مجاهد . والثالث : بيت المقدس ، قاله الحسن . فأما { أَذِنَ } فمعناه : أَمَر . وفي معنى { أن تُرْفَع } قولان . أحدهما : أن تعظَّم ، قاله الحسن ، والضحاك . والثاني : أن تُبْنَى ، قاله مجاهد ، وقتادة . وفي قوله : { ويُذْكَرَ فيها اسمُه } قولان . أحدهما : توحيده ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : يُتلى فيها كتابُه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . قوله تعالى : { يُسَبّح } قرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : { يُسَبِّح } بكسر الباء ؛ وقرأ ابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : بفتحها . وقرأ معاذ القارىء ، وأبو حيوة : { تُسَبِّحُ } بتاء مرفوعة وكسر الباء ورفع الحاء . وفي قوله : { يُسَبِّح له فيها } قولان . أحدهما : أنه الصلاة . ثم في صلاة الغُدُوِّ قولان . احدهما : أنها صلاة الفجر ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : صلاة الضحى ، روى ابن أبي مُلَيكة عن ابن عباس قال : إِن صلاة الضحى لفي كتاب الله ، وما يغوص عليها إِلاغوّاص ، ثم قرأ : { يُسَبِّح له فيها بالغدوّ والآصال } . وفي صلاة الآصال قولان . أحدهما : أنها صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قاله ابن السائب . والثاني : صلاة العصر ، قاله أبو سليمان الدمشقي . والقول الثاني : أنه التسبيح المعروف ، ذكره بعض المفسرين . قوله تعالى : { رجال لا تُلْهِيهم } أي : لا تَشْغَلُهم { تجارة ولا بيع } قال ابن السائب : التُّجَّار : الجلاّبون ، والباعة : المقيمون . وقال الواقدي : التجارة هاهنا بمعنى الشراء . وفي المراد بذِكْر الله ثلاثة أقوال . أحدها : الصلاة المكتوبة ، قاله ابن عباس ، وعطاء . وروى سالم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة ، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد ، فقال ابن عمر : فيهم نزلت { رجال لا تُلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكْر الله } . والثاني : عن القيام بحق الله ، قاله قتادة . والثالث : عن ذِكْر الله باللسان ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { وإِقامِ الصلاة } أي : أداؤها لوقتها وإِتمامها . فان قيل : إِذا كان المراد بذِكْر الله الصلاة ، فما معنى إِعادتها ؟ فالجواب : أنه بيَّن أنهم يقيمونها بأدائها في وقتها . قوله تعالى : { تَتَقَلَّبُ فيه القلوب والأبصار } في معناه ثلاثة أقوال . أحدها : أن من كان قلبه مؤمنا بالبعث والنشور ، ازداد بصيرة برؤية ما وُعِد به ؛ ومن كان قلبه على غير ذلك ، رأى ما يوقِن معه بأمر القيامة ، قاله الزجاج . والثاني : أن القلوب تتقلَّب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك ، والأبصار تتقلَّب ، تنظر من أين يؤتَون كتبهم ، أَمِنْ قِبَل اليمين ، أم مِنْ قِبَل الشمال ؟ وأي ناحية يؤخذ بهم ، أذات اليمين ، أم ذات الشمال ؟ قاله ابن جرير . والثالث : تتقلَّب القلوب فتبلغ إِلى الحناجر ، وتتقلَّب الأبصار إِلى الزَّرَق بعد الكَحَل والعمى بَعْدَ النَّظر . قوله تعالى : { لِيَجْزِيَهُم } المعنى : يسبِّحون الله ليَجزيَهم { أَحْسَنَ ما عملوا } أي : ليجزيهم بحسناتهم ، فأما مساوئهم فلا يَجزيهم بها { ويَزِيدَهم من فضله } مالم يستحقُّوه بأعمالهم { والله يرزق من يشاء بغير حساب } قد شرحناه في [ آل عمران : 27 ] .