Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 39-40)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ضرب الله مثلاً للكفار فقال : { والذين كفروا أعمالهُم كسراب } قال ابن قتيبة : السراب : ما رأيته من الشمس كالماء نصف النهار ، والآل : ما رأيته في أول النهار وآخره ، وهو يرفع كل شيء ، والقِيعة والقاع واحد . وقرأ أُبيُّ ابن كعب ، وعاصم الجحدري ، وابن السميفع : { بِقِيعات } . وقال الزجاج : القيعة : جمع قاع ، مثل جارٍ وجيرة ، والقيعة والقاع : ما انبسط من الأرض ولم يكن فيه نبات ، فالذي يسير فيه يرى كأن فيه ماءً يجري ، وذلك هو السراب ، والآل مثل السراب ، إِلا أنه يرتفع وقت الضحى - كالماء - بين السماء والأرض ، يحسبه الظمآن وهو الشديد العطش ماءً ، حتى إِذا جاء إٍلى موضع السراب رأى أرضاً لا ماء فيها ، فأعلم الله أن الكافر الذي يظن أن عمله قد نفعه عند الله - كظن الذي يظن السراب ماءً - وعملُه قد حبط . قوله تعالى : { ووجد اللّهَ عنده } أي : قَدِم على الله { فوفّاه حسابَه } أي : جازاه بعمله ؛ وهذا في الظاهر خبر عن الظمآن ، والمراد به الخبر عن الكافر . قوله تعالى : { والله سريع الحساب } مفسَّر في [ البقرة : 202 ] . قوله تعالى : { أو كظلمات } في هذا المثل قولان . أحدهما : أنه لعمل الكافر ، قاله الجمهور ، واختاره الزجاج . والثاني : أنه مَثَل لقلب الكافر في أنه لا يَعْقِل ولا يُبْصِر ، قاله الفراء . فأما اللُّجِّيّ ، فهو العظيم اللُّجَّة ، وهو العميق { يغشاه } أي : يعلو ذلك البحرَ { موجٌ من فوقه } أي : من فوق الموج موج ، والمعنى : يتبع الموج موج ، حتى كان بعضه فوق بعض ، { من فوقه } أي : من فوق ذلك الموج { سحاب } . ثم ابتدأ فقال : { ظلماتٌ } يعني : ظلمة البحر ، وظلمة الموج [ الأول ، وظلمة الموج ] الذي فوق الموج ، وظلمة السحاب . وقرأ ابن كثير ، وابن محيصن : { سحابُ ظلماتٍ } مضافاً { إِذا أخرج يده } يعني : إِذا أخرجها مُخرِجٌ ، { لم يكد يراها } فيه قولان . أحدهما : أنه لم يرها ، قاله الحسن ، واختاره الزجاج . قال : لأن في دون هذه الظلمات لا يرى الكفّ ؛ وكذلك قال ابن الأنباري : معناه : لم يرها البتَّة ، لأنه قد قام الدليل عند وصف تكاثف الظلمات على أن الرؤية معدومة ، فبان بهذا الكلام أن « يَكَد » زائدة للتوكيد ، بمنزلة « ما » في قوله : { عمَّا قليلٍ ليُصْبِحُنَّ نادمِين } [ المؤمنون : 40 ] . والثاني : أنه لم يرها إِلا بعد الجهد ، قاله المبرِّد . قال الفراء : وهذا كما تقول : ما كدت أبلغ إِليك ، وقد بلغتَ ، قال الفراء : وهذا وجه العربية . فصل فأما وجه المَثَل ، فقال المفسرون : لمّا ضَرب اللّهُ للمؤمن مَثَلاً بالنُّور ، ضَرب للكافر هذا المثل بالظلمات ؛ والمعنى : أن الكافر في حيرة لا يهتدي لرشدٍ . وقيل : الظُّلمات : ظُلمة الشِّرك وظُلمة المعاصي . وقال بعضهم : ضربَ الظلمات مثلاً لعمله ، والبحر اللُّجِّيّ لقلبه ، والموج لِما يغشى قلبه من الشِّرك والجهل والحيرة ، والسحاب للرَّيْن ، والخَتْم على قلبه ، فكلامه ظُلمة ، وعمله ظُلمة ، ومدخله ظُلمة ، ومخرجه ظُلمة ، ومصيره إِلى الظُّلمات يوم القيامة . قوله تعالى : { ومن لم يَجْعَلِ اللّهُ له نُوراً } فيه قولان . أحدهما : دِيناً وإِيماناً ، قاله ابن عباس ، والسدي . والثاني : هداية ، قاله الزجاج .