Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 6-10)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والذين يَرْمُون أزواجهم } سبب نزولها " أن هلال بن أُمية وجد عند أهله رجلاً ، فرأى بعينه وسمع بأذنه ، فلم يُهجْه حتى أصبح ، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إِنِّي جئت أهلي ، فوجدت عندها رجلاً ، فرأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به ، واشتد عليه ، فقال سعد بن عبادة : الآن يَضْرِبُ رسولُ الله هلالاً ويُبطل شهادته ، فقال هلال : والله إِنِّي لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً ، فوالله إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه [ إِذ ] نزل عليه الوحي ، فنزلت هذه الآية " ، رواه عكرمة عن ابن عباس . وفي حديث آخر " أن الرجل الذي قذفها به شريك بن سحماء ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهلال حين قذفها : « ائتني بأربعة شهداء ، وإِلا فحدٌّ في ظهرك » ، فنزلت هذه الآية " ، فنُسخ حكم الجلد في حق الزوج القاذف . فصل في بيان حكم الآية إِذا قذف الرجل زوجته بالزنا ، لزمه الحدُّ ، وله التخلُّص منه باقامة البيِّنة ، أو باللِّعان ، فإن أقام البيِّنة لزمها الحدّ ، وإِن لاعنها ، فقد حقَّق عليها الزنا ، ولها التخلُّص منه باللّعان ؛ فإن نكل الزوج عن اللعان ، فعليه حدُّ القذف ، وإِن نكلت الزوجة ، لم تحدّ ، وحُبست حتى تُلاعِن أو تُقِرَّ بالزنا في إِحدى الروايتين ، وفي الأخرى : يُخلَّى سبيلُها . وقال أبو حنيفة : لا يُحَدُّ واحد منهما ، ويُحبس حتى يُلاعِن . وقال مالك ، والشافعي : يجب الحدُّ على الناكل منهما . فصل ولا تصح الملاعنة إِلا بحضرة الحاكم . فان كانت المرأة خَفِرة ، بعث الحاكم من يُلاعِن بينهما . وصفة اللعان أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إِني لمن الصادقين فيما رميتُها به من الزنا ، أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : ولعنة الله عليه إِن كان من الكاذبين ، ثم تقول الزوجة أربع مرات : أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا ، ثم تقول : وغضب الله عليها إِن كان من الصادقين . والسُّنة أن يتلاعنا قياماً ، ويقال للزوج إِذا بلغ اللعنة : اتق الله فانها المُوجِبة ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وكذلك يقال للزوجة إِذا بلغت إِلى الغضب . فإن كان بينهما ولد ، اقتصر نفيه عن الأب إِلى ذِكْره في اللعان ، فيزيد في الشهادة : وما هذا الولد ولدي ، وتزيد هي : وإِن [ هذا ] الولد ولده . فصل واختلف الفقهاء في الزوجين اللَّذين يجري بينهما اللعان ، فالمشهور عن أحمد أن كل زوج صح قذفه صح لعانه ، فيدخل تحت هذا المسلمُ والكافر والحرُّ والعبد ، وكذلك المرأة ، وهذا قول مالك ، والشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يجوز اللعان بين الحرِّ والأمَةَ ، ولا بين العبد والحرة ، ولا بين الذميَّين ، أو إِذا كان أحدهما ذميّاً ؛ ونقل حرب عن أحمد نحو هذا ، والمذهب هو الأول . ولا تختلف الرواية عن أحمد : أن فُرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده . واختلف هل تقع بلعانهما من غير فُرقة الحاكم على روايتين . وتحريم اللعان مؤبَّد ، فان أكذب الملاعنُ نفسه لم تحلَّ له زوجته أيضاً ، وبه قال عمر ، وعلي ، وابن مسعود ؛ وعن أحمد روايتان ، أصحهما : هذا ، والثانية : يجتمعان بعد التكذيب ، وهو قول أبي حنيفة . قوله تعالى : { ولم يكن لهم شهداء إِلا أنفسُهم } وقرأ أبو المتوكل . وابن يعمر ، والنخعي : « تكن » بالتاء . قوله تعالى : { فشهادة أحدهم أربع شهادات } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : { أربعَ } بفتح العين . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : برفع العين . قال الزجاج : من رفع { أربعُ } ، فالمعنى : فشهادة أحدهم التي تدرأُ حَدَّ القذف أربعُ ؛ ومن نصب ، فالمعنى : فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ . قوله تعالى : { والخامسةُ } قرأ حفص عن عاصم : { والخامسةَ } نصباً ، حملاً على نصب { أربعَ شهادات } . قوله تعالى : { أنَّ لعنة الله عليه } قرأ نافع ، ويعقوب ، والمفضل : { أنْ لعنةُ الله } و { أنْ غضبُ الله } بتخفيف النون فيهما وسكونهما ورفع الهاء من { لعنةُ } والباء من { غضبُ } ، إِلا أن نافعاً كسر الضاد من { غَضِبَ } وفتح الباء . قوله تعالى : { ويَدرأُ عنها } أي : ويَدفع عنها { العذابَ } وفيه ثلاثة أقوال . أحدهما : [ أنه ] الحَدُّ . والثاني : الحبس . ذكرهما ابن جرير . والثالث : العار . قوله تعالى : { ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتُه } أي : ستره ونعمته . قال الزجاج : وجواب « لولا » هاهنا متروك ؛ والمعنى : لولا ذلك لنال الكاذبَ منكم عذابٌ عظيم . وقال غيره : لولا فضل الله لبيّن الكاذب من الزوجين فأُقيم عليه الحدّ ، { وأن الله توّاب } يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة { حكيم } فيما فرض من الحدود .