Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 35-39)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { اذهبا إِلى القوم الذين كذَّبوا بآياتنا } . إِن قيل : إِنما عاينوا الآيات بعد [ وجود ] الرسالة ، فكيف يقع التكذيب منهم قبل وجود الآيات ؟ فالجواب : أنهم كانوا مكذِّبين أنبياءَ الله وكُتُبَه المتقدِّمة ، ومن كذَّب نبيّاً فقد كذَّب سائر الأنبياء ، ولهذا قال : { وقومَ نُوح لمَّا كذَّبوا الرُسُل } ، وقال الزجاج : يجوز ان يكون المرادَ به نوحٌ وحده ، وقد ذُكر بلفظ الجنس ، كما يقال فلان يركب الدوابّ ، وإِن لم يركب إِلا دابّة واحدة ؛ وقد شرحنا هذا في [ هود : 59 ] عند قوله : { وعَصَوا رُسُلَه } وقد سبق معنى التدمير [ الاعراف : 137 ] . قوله تعالى : { وأصحابَ الرَّسِّ } في الرَّسِّ ثلاثة أقوال . أحدها : أنها بئر كانت تسمى الرَّسِّ ، قاله ابن عباس في رواية العوفي . وقال في رواية عكرمة : هي بئر بأذربيجان . وزعم ابن السائب أنها بئر دون اليمامة . وقال السدي : بئر بأنطاكية . والثاني : أن الرَّسَّ قرية من قرى اليمامة ، قاله قتادة . والثالث : أنها المَعْدِن ، قاله أبو عبيدة ، وابن قتيبة . وفي تسميتها بالرَّسِّ قولان . أحدهما : أنهم رَسُّوا نبيَّهم في البئر ، قاله عكرمة . قال الزجاج : رَسُّوه ، أي دَسُّوه فيها . والثاني : أن كل رَكِيَّة لم تطو فهي رَسٌّ ، قاله ابن قتيبة . واختلفوا في أصحاب الرَّسِّ على خمسة أقوال . أحدها : أنهم قوم كانوا يعبدون شجرة ، فبعث الله تعالى إِليهم نبيّاً من ولد يهوذا بن يعقوب ، فحفروا له بئراً وألقَوه فيها ، فهلكوا ، قاله عليّ عليه السلام . والثاني : أنهم قوم كان لهم نبيّ يقال له : حنظلة بن صفوان ، فقتلوا نبيَّهم فأهلكهم الله ، قاله سعيد بن جبير . والثالث : أنهم كانوا أهل بئر ينزلون عليها ، وكانت لهم مواشٍ ، وكانوا يعبدون الأصنام ، فبعث الله إِليهم شُعيباً ، فتمادَوا في طغيانهم ، فانهارت البئر ، فخُسف بهم وبمنازلهم ، قاله وهب بن منبه . والرابع : أنهم الذين قتلوا حبيباً النجار ، قتلوه في بئر لهم ، وهو الذي قال : { يا قوم اتَّبِعُوا المرسَلين } [ يس : 20 ] ، قاله السدي . والخامس : أنهم قوم قتلوا نبيَّهم وأكلوه ، وأولُ من عمل السحر نساؤهم ، قاله ابن السائب . قوله تعالى : { وقُرُوناً } المعنى : وأهلكنا قروناً { بين ذلكَ كثيراً } أي : بين عاد وأصحاب الرَّسِّ ، وقد سبق بيان القَرْن [ الانعام : 6 ] وفي هذه القصص تهديد لقريش . قوله تعالى : { وكُلاًّ ضَرَبْنَا له الأمثال } أي : أعذرنا إِليه بالموعظة وإِقامة الحجَّة { وكُلاًّ تَبَّرْنَا } قال الزجاج : التَّتبير : التدمير ، وكل شىء كسرته وفتّتّه فقد تبَّرته ، وكُسارته : التِّبر ، ومن هذا قيل لمكسور الزجاج : التِّبر ، وكذلك تِبر الذهب .