Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 45-52)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ألم تَرَ إِلى ربِّك } أي : إِلى فِعْل ربِّك . وقال الزجاج : معناه ألم تعلم ، فهو من رؤية القلب ، ويجوز أن يكون من رؤية العين ؛ فالمعنى : ألم تر إِلى الظِّلِّ كيف مَدَّه ربُّك ؟ والظِّلُّ من وقت طلوع الفجر إِلى وقت طلوع الشمس { ولو شاء لجعله ساكناً } أي : ثابتاً دائماً لا يزول { ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً } فالشمس دليل على الظل ، فلولا الشمس ما عُرف أنه شيء ، كما أنه لولا النُّور ما عُرفت الظُّلمة ، فكل الأشياء تُعرف بأضدادها . قوله تعالى : { ثم قَبَضْناه إِلينا } يعني : الظل { قَبْضاً يَسِيراً } وفيه قولان . أحدهما : سريعاً ، قاله ابن عباس . والثاني : خفيّاً ، قاله مجاهد . وفي وقت قبض الظل قولان . أحدهما : عند طلوع الشمس يُقبض الظِّل وتُجمع أجزاؤه المنبسطة بتسليط الشمس عليه حتى تنسخَه شيئاً فشيئاً . والثاني : عند غروب الشمس تُقبض أجزاء الظِّل بعد غروبها ، ويخلّف كل جزء منه جزءاً من الظلام . قوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم الليل لِبَاساً } أي : ساتراً بظلمته ، لأن ظلمته تغشى الأشخاص وتَشتمل عليها اشتمال اللباس على لابسه { والنَّومَ سُبَاتاً } قال ابن قتيبة : أي : راحة ، ومنه يوم السبت ، لأن الخلق اجتمع يوم الجمعة ، وكان الفراغ منه في يوم السبت ، فقيل لبني إِسرائيل : استريحوا في هذا اليوم ولا تعملوا فيه شيئاً ، فسمِي يوم السبت ، أي : يوم الراحة ، وأصل السبت : التَّمدُّد ، ومن تمدَّد استراح . وقال ابن الأنباري : أصل السبت : القَطْع ؛ فالمعنى : وجعلنا النوم قَطْعاً لأعمالكم . قوله تعالى : { وجَعَلَ النَّهارَ نُشوراً } فيه قولان . أحدهما : تنتشرون فيه لابتغاء الرزق ، قاله ابن عباس . والثاني : تُنشَر الرُّوح باليقظة كما تنشر بالبعث ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { وهو الذي أرسل الرِّياح } قد شرحناه في [ الأعراف : 57 ] إِلى قوله : { وأنزلْنا من السماء ماءً طَهُوراً } يعني : المطر . قال الأزهري : الطَّهُور في اللغة : الطاهر المُطهِّر . والطَّهور ما يُتَطَهَّر به ، كالوَضوء الذي يُتَوضَّأُ به ، والفَطُور الذي يُفْطَر عليه . قوله تعالى : { لِنُحْيِيَ به بلدةً مَيْتاً } وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وأبو جعفر : { مَيِّتاً } بالتشديد . قال الزجاج : لفظ البلدة مؤنَّث ، وإِنما قيل : { ميتاً } لأن معنى البلدة والبلد سواء . وقال غيره : إِنما قال : { ميتاً } ، لأنه أراد بالبلدة المكان . وقد سبق معنى صفة البلدة بالموت [ الأعراف : 57 ] ومعنى { ونُسْقِيَهُ } [ الحجر : 24 ] . وقرأ أبو مجلز ، وأبو رجاء ، والضحاك ، والأعمش ، وابن أبي عبلة : { ونَسْقِيَهُ } بفتح النون . فأما الأناسيُّ ، فقال الزجاج : هو جمع إِنسيّ ، مثل كرسيّ وكراسي ؛ ويجوز أن يكون جمع إِنسان ، وتكون الباء بدلاً من النون ، الأصل : أناسين مثل سَراحين . وقرأ أبو مجلز ، والضحاك ، وأبو العالية ، وعاصم الجحدري { وأناسيَ } بتخفيف الياء . قوله تعالى : { ولقد صَرَّفْناه } يعني المطر { بينهم } مرة لهذه البلدة ، ومرة لهذه { لِيَذَّكَّروا } أي : ليتفكَّروا في نِعَم الله عليهم فيحمدوه . وقرأ حمزة ، والكسائي : { لِيَذْكُروا } خفيفة الذال . قال أبو علي : يَذَّكَّر في معنى يتذكَّر ، { فأبى أكثرُ الناس إِلا كُفُوراً } وهم الذين يقولون : مُطِرنا بنوء كذا وكذا ، كفروا بنعمة الله . { ولو شئنا لَبَعَثْنَا في كل قرية نذيراً } المعنى : إِنّا بعثناك إِلى جميع القُرى لعِظَم كرامتك ، { فلا تُطِعِ الكافرِين } ، وذلك أن كفار مكة دَعَوه إِلى دين آبائهم ، { وجاهِدهم به } أي بالقرآن { جهاداً كبيراً } أي : تامّاً شديداً .