Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 53-55)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وهو الذي مَرَجَ البَحرين } قال الزجاج : أي : خلَّى بينهما ؛ تقول : مرجتُ الدابَّة وأمرجتُها : إِذا خلَّيتَها ترعى ، ومنه الحديث : « مَرِجَتْ عهودُهم وأماناتهم » أي : اختلطت . قال المفسرون : والمعنى أنه أرسلهما في مجاريهما ، فما يلتقيان ، ولا يخنلط المَلِح بالعذب ، ولا العذب بالمَلِحِ ، وهو قوله : { هذا } يعني : أحد البحرين { عَذْبٌ } أي : طيِّب ؛ يقال : عَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذوبةً ، فهو عَذْبٌ . قال الزجاج : والفُرات صفة للعَذْب ، وهو أشد الماء عُذوبة ، والأُجَاج صفة للملح ، وهو : المُرُّ الشديد المرارة . وقال ابن قتيبة : هو أشد الماء ملوحة ، وقيل : هو الذي يُخالطه مرارةٌ ، ويقال : ماءٌ مِلح ، ولا يقال : مالح ، والبرزخ : الحاجز . وفي هذا الحاجز قولان . أحدهما : أنه مانع من قدرة الله تعالى ، قاله الأكثرون . قال الزجاج : فهما في مرأى العين مختلطان ، وفي قدرة الله منفصلان لا يختلط أحدهما بالآخر . قال أبو سليمان الدمشقي : ورأيت عند عَبَّادان من سواد البصرة الماءَ العذب يَنحدر في دجلة نحو البحر ، ويأتي المَدُّ من البحر ، فيلتقيان ، فلا يختلط أحد الماءين بالآخر ، يُرى ماء البحر إِلى الخُضرة الشديدة ، وماء دجلة إِلى الحُمرة الخفيفة ، فيأتي المستقي فيغرف من ماء دجلة عذباً لا يخالطه شيء ، وإِلى جانبه ماء البحر في مكان واحد . والثاني : أن الحاجز : الأرض واليَبَس ، وهو قول الحسن ؛ والأول أصح . قوله تعالى : { وحِجْراً محجوراً } قال الفراء : أي : حراماً محرَّماً أن يغلب أحدهما صاحبه . قوله تعالى : { وهو الذي خَلَقَ من الماء بَشَراً } أي : من النُّطفة بَشَراً ، أي : إِنساناً { فجعله نَسَباً وصِهْراً } أي : ذا نسب وصِهْرِ . قال علي عليه السلام : النَّسَب : ما لا يحل نكاحه ، والصِّهر : ما يَحِلُّ نكاحه . وقال الضحاك : النسب سبع ، وهو قوله : { حُرِّمت عليكم أمهاتُكم … } [ النساء : 23 ] إِلى قوله : { وبناتُ الأُخت } [ النساء : 23 ] ، والصِّهر خمس ، وهو قوله : { وأُمهاتُكم اللاَّتي أرضعنكم … } [ النساء : 23 ] إِلى قوله : { مِنْ أصلابكم } [ النساء : 23 ] . وقال طاووس : الرَّضاعة من الصِّهر . وقال ابن قتيبة : { نَسَباً } أي : قرابة النَّسَب ، { وصِهراً } أي : قرابة النكاح . وكل شيء من قِبَل الزوج ، مثل الأب والأخ ، فهم الأحماء ، واحدهم حَماً ، مثل : قَفاً ، وحَمُو مثل أَبُو ، وحَمْمءٌ مهموز ساكن الميم ، وحَمٌ مثل أَبٍ . وحَمَاة المرأة : أُمُّ زوجها ، لا لغة فيها غير هذه وكلّ شيء من قِبَل المرأة ، فهم الأَخْتان . والصِّهر يجمع ذلك كلّه . وحكى ابن فارس عن الخليل ، أنه قال : لا يقال لأهل بيت الرجل إِلا أَختان ، ولأهل بيت المرأة إِلا أصهار . ومن العرب يجعلهم أصهاراً كلّهم . والصَّهْر : إِذابة الشيء . وذكر الماوردي أن المَناكح سمِّيتْ صِهْراً ، لاختلاط الناس بها كما يختلط الشيء إِذا صُهِر . قوله تعالى : { وكان الكافر على ربِّه ظهيراً } فيه أربعة أقوال . أحدها : مُعيناً للشيطان على ربِّه ، لأن عبادته للأصنام معاونة للشيطان . والثاني : مُعيناً للمشركين على أن لا يوحِّدوا الله تعالى . والثالث : مُعِيناً على أولياء ربِّه . والرابع : وكان الكافر على ربِّه هيِّناً ذليلاً ، من قولك : ظَهَرتُ بفلان : إِذا جعلتَه وراء ظهرك ولم تلتفت إِليه . قالوا : والمراد بالكافر هاهنا أبو جهل .