Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 71-74)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ومن تاب } ظاهر هذه التوبة أنها عن الذنوب المذكورة . وقال ابن عباس : يعني : ممن لم يَقْتُل ولم يزن ، { وعمل صالحاً } فانّي قد قدَّمتُهم وفضَّلتُهم على من قاتل نبيّي واستحلَّ محارمي . قوله تعالى : { فانه يتوب إِلى الله مَتاباً } قال ابن الأنباري : معناه : من أراد التوبة وقصد حقيقتها ، فينبغي له أن يُريد اللّهَ بها ولا يخلط بها ما يُفسدها ؛ وهذا كما يقول الرجل : من تجر فانه يتّجر في البزّ ، ومن ناظر فانه يناظر في النحو ، أي : من أراد ذلك ، فينبغي أن يقصد هذا الفن ؛ قال : ويجوز أن يكون معنى [ هذه ] الآية : ومن تاب وعمل صالحاً . فان ثوابه وجزاءه يعظُمان له عند ربِّه ، الذي أراد بتوبته ، فلما كان قوله : { فانه يتوب إِلى الله متاباً } يؤدِّي عن هذا المعنى ، كفى منه ، وهذا كما يقول الرجل للرجل : إِذا تكلَّمتَ فاعلم أنك تكلِّم الوزير ، أي : تكلِّم من يَعرف كلامك ويجازيك ، ومثله قوله تعالى : { إِن كان كَبُر عليكم مَقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكَّلْتُ } [ يونس : 71 ] ، أي : فاني أتوكَّل على من ينصرني ولا يُسْلِمني . وقال قوم : معنى الآية : فانه يرجع إِلى الله مرجعاً يقبله منه . قوله تعالى : { والذين لا يَشْهَدون الزُّور } فيه ثمانية أقوال . أحدها : أنه الصَّنم ؛ روى الضحاك عن ابن عباس ان الزُّور صنم كان للمشركين . والثاني : أنه الغِناء ، قاله محمد بن الحنفية ، ومكحول ؛ وروى ليث عن مجاهد قال : لا يسمعون الغناء . والثالث : الشِّرك ، قاله الضحاك ، وأبو مالك . والرابع : لعب كان لهم في الجاهلية ، قاله عكرمة . والخامس : الكذب ، قاله قتادة ، وابن جريج . والسادس : شهادة الزور ، قاله عليّ بن أبي طلحة . والسابع : أعياد المشركين ، قاله الربيع بن أنس . والثامن : مجالس الخنا ، قاله عمرو بن قيس . وفي المراد باللغو هاهنا خمسة أقوال . أحدها : المعاصي ، قاله الحسن . والثاني : أذى المشركين إِياهم ، قاله مجاهد . والثالث : الباطل ، قاله قتادة . والرابع : الشِّرك ، قاله الضحاك . والخامس : إِذا ذكروا النكاح كنوا عنه ، قاله مجاهد . وقال محمد بن علي : إِذا ذكروا الفروج كنوا عنها . قوله تعالى : { مَرُّوا كِرَاماً } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : مَرُّوا حُلَماء ، قاله ابن السائب . والثاني : مَرُّوا مُعْرِضِين عنه ، قاله مقاتل . والثالث : أن المعنى : إِذا مَرُّوا باللغو جاوزوه ، قاله الفراء . قوله تعالى : { والذين إِذا ذُكّروا } أي : وُعِظوا { بآيات ربِّهم } وهي القرآن { لم يَخِرُّوا عليها صُمّاً وعُمْيَاناً } قال ابن قتيبة : لم يتغافلوا عنها كأنهم صُمٌّ لم يسمعوها ، عميٌ لم يَرَوها . وقال غيره من أهل اللغة : لم يثبتوا على حالتهم الأولى كأنهم لم يسمعوا ولم يَرَوا ، وإِن لم يكونوا خَرُّوا حقيقة ؛ تقول العرب : شتمت فلاناً ، فقام يبكي ، وقعد يندب ، وأقبل يعتذر ، وظلَّ يتحيَّر ، وإِن لم يكن قام ولا قعد . قوله تعالى : { هَبْ لنا مِنْ أزواجنا وذُرِّيَّاتِنَا } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : { وذُرِّيَّاتِنَا } على الجمع . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، [ وحفص ] عن عاصم : { وذُرِّيَّتِنَا } على التوحيد ، { قُرَّةَ أَعْيُنٍ } وقرأ ابن مسعود ، وأبو حيوة : { قُرَّاتَ أَعْيُنٍ } يعنون : من يعمل بطاعتك فتقرّ به أعيننا في الدنيا والآخرة . وسئل الحسن عن قوله : { قُرَّةَ أعين } في الدنيا ، أم في الآخرة ؟ قال : لا ، بل في الدنيا ، وأيُّ شيء أقَرُّ لعين المؤمن من أن يرى زوجته وولده يُطيعون الله ، والله ما طلب القوم إِلا أن يُطاع الله فتَقَرّ أعينهم . قال الفراء : إِنما قال : { قُرَّةَ } لأنها فعل ، والفعل لا يكاد يُجمع ، ألا ترى إِلى قوله : { وادعُوا ثُبُوراً كثيراً } [ الفرقان : 44 ] فلم يجمعه ؛ والقُرَّة مصدر ، تقول : قَرَّت عينه قُرَّة ، ولو قيل : قُرَّة عين أو قُرَّات أعين كان صواباً . وقال غيره : أصل القُرَّة من البَرْد ، لأن العرب تتأذى بالحَرِّ ، وتستروح إِلى البَرْد . قوله تعالى : { واجْعَلْنا للمُتَّقِين إِماماً } فيه قولان . أحدهما : اجعلنا أئمة يُقتدى بنا ، قاله ابن عباس . وقال غيره : هذا من الواحد الذي يراد به الجمع ، كقوله : { إِنَّا رسولُ ربِّ العالَمِين } [ الشعراء : 16 ] ، وقوله : { فانَّهم عَدُوٌّ لي } [ الشعراء : 77 ] . والثاني : اجعلنا مؤتمِّين بالمُتَّقِين مقتدين بهم ، قاله مجاهد ؛ فعلى هذا يكون الكلام من المقلوب ، فيكون المعنى : واجعل المُتَّقِين لنا إِماماً .