Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 10-22)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإِذ نادى } المعنى : واتل هذه القصة على قومك . قوله تعالى : { أن يُكَذِّبونِ } ياء { يُكَذِّبِونِ } محذوفة ، ومثلها { أن يقتلون } [ الشعراء : 14 ] { سيهدين } [ الشعراء : 62 ] { فهو يدين } [ الشعراء : 78 ] { ويسقين } [ الشعراء : 79 ] { فهو يشفين } [ الشعراء : 80 ] { ثم يحيين } [ الشعراء : 81 ] { كذَّبون } [ الشعراء : 117 ] { وأطيعون } [ الشعراء : 108 ] فهذه ثمان آيات أثبتهن في الحالين يعقوب . قوله تعالى : { ويَضيقُ صَدْري } أي بتكذيبهم إِيّاي { ولا يَنْطَلِقُ لساني } للعُقدة التي كانت بلسانه . وقرأ يعقوب { ويَضيقَ } { ولا يَنطلقَ } بنصب القاف فيهما ، { فأَرسِلْ إِلى هارونَ } المعنى : ليُعينني ، فحُذف ، لأن في الكلام دليلاً عليه ، { ولهم عليَّ ذَنْب } وهو القتيل الذي وكزه فقضى عليه ؛ والمعنى : ولهم عليَّ دعوى ذَنْب { فأخافُ أن يقتُلون } به { قال كَلاَّ } وهو ردع وزجر عن الإِقامة على هذا الظن ؛ والمعنى : لن يقتلوك لأنّي لا اسلِّطهم عليك ، { فاذهبا } يعني : أنت وأخوك { بآياتنا } وهي : ما أعطاهما من المعجزة { إِنَّا } يعني نفسه عز وجل { معكم } فأجراهما مجرى الجماعة { مستمِعونَ } نسمع ما تقولان وما يجيبونكما به . قوله تعالى : { إِنَّا رسولُ ربِّ العالَمين } قال ابن قتيبة : الرسول يكون بمعنى الجميع ، كقوله : { هؤلاء ضَيفي } [ الحجر : 68 ] وقوله : { ثُمَّ نُخْرِجُكم طِفْلاً } [ الحج : 5 ] . وقال الزجاج : المعنى : إِنْا رِسالةُ ربِّ العالَمين ، أي : ذوو رسالة ربِّ العالمين ، قال الشاعر : @ لقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ ما بُحْتُ عِنْدَهُم بِسرٍّ وَلا أرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ @@ أي : برسالة . قوله تعالى : { أن أرسِلْ } المعنى : بأن أرسل { معنا بني إِسرائيل } أي : أَطْلِقْهم من الاستعباد ، فأَتَياه فبلَّغاه الرسالة ، فـ { قال ألم نُرَبِّكَ فينا وَليداً } أي : صبيّاً صغيراً { ولَبِثْتَ فينا مِنْ عُمُرِكَ سِنينَ } وفيها ثلاثة أقوال . أحدها : ثماني عشرة سنة ، قاله ابن عباس . والثاني : أربعون سنة ، قاله ابن السائب . والثالث : ثلاثون سنة ، قاله مقاتل ، والمعنى : فجازيْتَنا على ان ربَّيناك أن كفرت نعمتنا ، وقتلت منّا نفساً ، وهو قوله : { وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ } وهي قتل النفس . قال الفراء : وإِنما نُصِبَت الفاء ، لأنها مرة واحدة ، ولو أُريد بها مثل الجِلسة والمِشية جاز كسرها . وفي قوله : { وأنت من الكافرين } قولان . أحدهما : من الكافرين لنعمتي ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، والضحاك ، وابن زيد . والثاني : من الكافرين بالهك ، كنتَ معنا على ديننا الذي تعيب ، قاله الحسن ، والسدي . فعلى الاول : وأنت من الكافرين الآن . وعلى الثاني : وكنت . وفي قوله : { وأنا من الضالِّين } ثلاثة أَقوال . أحدها : من الجاهلين ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة . وقال بعض المفسرين : المعنى : إِني كنت جاهلاً لم يأتني من الله شيء . والثاني : من الخاطئين ؛ والمعنى : إِني قتلت النفس خطأً ، قاله ابن زيد . والثالث : من الناسين ؛ ومثله { أن تَضِلَّ إِحداهما } [ البقرة : 282 ] ، قاله أبو عبيدة . قوله تعالى : { ففرَرتُ منكم } أي : ذهبت من بينكم { لمَّا خِفْتُكم } على نفسي إلى مَدْيَنِ ، وقرأ عاصم الجحدري ، والضحاك ، وابن يعمر { لِمَا } بكسر اللام وتخفيف الميم ، { فوهَب لي ربِّي حُكْماً } وفيه قولان . أحدهما : النبوَّة ، قاله ابن السائب . والثاني : العِلْم والفَهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { وتلك نِعمة تَمُنُّها عليَّ } يعني التربية { أنْ عَبَّدْتَ بني إِسرائيل } أي : اتخذْتَهم عبيداً ؛ يقال عبَّدتُ فلاناً وأعبدتُه واستعبدتُه : إِذا اتخذتَه عبداً . وفي « أنْ » وجهان . أحدهما : أن تكون في موضع رفع على البدل من « نِعْمةٌ » . والثاني : أن تكون في موضع نصب بنزع الخافض ، تقديره : لأَن عبَّدتَ أو لتعبيدك . واختلف العلماء في تفسير الآية ، ففسرها قوم على الإِنكار ، وقوم على الإِقرار . فمن فسرها على الإِنكار قال معنى الكلام : أو تلك نعمة ؟ ! على طريق الاستفهام ، ومثله { هذا ربِّي } [ الانعام : 76 ] ، وقوله : { فهم الخالدون } [ الانبياء : 34 ] ، وأنشدوا : @ [ لم أنس يوم الرحيل وقفتَها وجفنها من دموعها شَرِقُ ] وقولَها والركابُ سائرة تتركنا هكذا وتنطلق @@ وهذا قول جماعة منهم . ثم لهم في معنى الكلام ووجهه أربعة أقوال . أحدها : أن فرعون أخذ أموال بني إِسرائيل واستعبدهم وأنفق على موسى منها ، فأبطل موسى النِّعمة لأنها أموال بني إِسرائيل ، قاله الحسن . والثاني : أن المعنى : إِنك لو كنت لا تقتُل أبناء بني إِسرائيل لكفلني أهلي ، وكانت أُمِّي تستغني عن قذفي في اليمِّ ، فكأنك تمنُّ عليَّ بما كان بلاؤك سبباً له ، وهذا قول المبرِّد ، والزجّاج والأزهري . والثالث : أن المعنى تمنُّ عليَّ باحسانك إِليَّ خاصة ، وتنسى إِساءتك بتعبيدك بني إِسرائيل ؟ ! قاله مقاتل . والرابع : أن المعنى : كيف تمنُّ عليَّ بالتربية وقد استعبدت قومي ؟ ! ومن أُهين قومُه فقد ذَلَّ ، فقد حَبِط إِحسانك إِليَّ بتعبيدك قومي ، حكاه الثعلبي . فأما من فسرها على الإِقرار ، فانه قال : عدَّها موسى نعمة حيثُ ربَّاه ولم يقتله ولا استعبده . فالمعنى : هي لعمري نعمة إِذ ربَّيتني ولم تستعبدني كاستعبادك بني إِسرائيل ؛ فـ « أنْ » تدل على المحذوف ، ومثله في الكلام - أن تَضرب بعض عبيدك وتترك الآخر ، فيقول المتروك - : هذه نعمة عليَّ أن ضربتَ فلاناً وتركتني ، ثم تحذف « وتركتني » ، لأن المعنى معروف ، هذا قول الفراءِ .