Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 15-19)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولقد آتينا داود وسليمان عِلْماً } قال المفسرون : عِلْماً بالقضاء وبكلام الطير والدواب وتسبيح الجبال { وقالا الحمدُ لله الذي فضَّلَنا } بالنبوَّة والكتاب وإِلانة الحديد وتسخير الشياطين والجن والإِنس { على كثير من عباده المؤمِنِين } قال مقاتل : كان داود أشد تعبُّداً من سليمان ، وكان سليمان أعظمَ مُلْكاً منه وأفطن . قوله تعالى : { وَورِث سليمانُ داودَ } أي : ورث نبوَّته وعِلْمه ومُلْكه ، وكان لداود تسعة عشر ذكراً ، فخصّ سليمان بذلك ، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده فيها سواء . قوله تعالى : { وقال } يعني سليمان لبني إِسرائيل { يا أيُّها الناسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر } قرأ أُبيُّ بن كعب { عَلَمْنا } بفتح العين واللام . قال الفراء : { مَنْطِقَ الطَّير } : كلام الطَّير ، كالمنطق إِذا فُهم ، قال الشاعر : @ عَجِبْتُ لها أَنَّى يَكُونُ غِناؤها فَصيحاً ولم تَفْغَرْ بمَنْطِقها فَمَا @@ ومعنى الآية : فهمنا ما تقول الطَّير . قال قتادة : والنمل من الطَّير . { وأُوتِينا من كُلِّ شىء } قال الزجاج : أي : من كل شىء يجوز أن يؤتاه الأنبياء والناس . وقال مقاتل : أُعطينا المُلك والنبوَّة والكتاب والرِّياح ومَنْطِق الطَّير ، وسخِّرت لنا الجنُّ والشياطين . وروى جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : أُعطي سليمان مُلْك مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، وملك اهلَ الدنيا كلَّهم من الجن والإِنس والشياطين والدواب والطير والسباع ، وأُعطي عِلْم كل شيء ومنطق كل شيء ، وفي زمانه صُنعت الصنائع المعجِّبة ، فذلك قوله : { عُلِّمنا مَنْطِقَ الطَّير وأوتينا من كلِّ شيء } . قوله تعالى : { إِنَّ هذا } يعني : الذي أُعطينا { لَهُوَ الفَضْلُ المُبِينُ } أي : الزيادة الظاهرة على ما أُعطي غيرنا . { وحُشِر لسليمان جنودُه } أي : جُمع له كل صِنف من جُنده على حِدَة ، وهذا كان في مسيرٍ له ، { فهم يُوزَعُون } قال مجاهد : يُحبَس أوَّلُهم على آخرهم . قال ابن قتيبة : وأصل الوَزْع : الكَفُّ والمنع . يقال : وزَعْت الرَّجل ، أي : كففته ، ووازِعُ الجيش : الذي يكفُّهم عن التفرُّق ، ويردُّ مَنْ شَذَّ منهم . قوله تعالى : { حتَّى إِذا أَتَوا } أي : أشرفوا { على وادي النَّمْل } وفي موضعه قولان . أحدهما : أنه بالطَّائف ، قاله كعب . والثاني : بالشَّام قاله قتادة . قوله تعالى : { قالتْ نَمْلَةٌ } وقرأ ابو مجلز ، وأبو رجاء ، وعاصم الجحدري ، وطلحة بن مصرف { نَمُلَةٌ } بضم الميم ؛ أي : صاحت بصوت ، فلما كان ذلك الصوت مفهوماً عبّر عنه بالقول ؛ ولمَّا نَطَقَ النَّمل كما ينطق بنو آدم ، أُجري مجرى الآدميين ، فقيل : { ادخُلوا } ، وألهم الله تلك النملة معرفة سليمان مُعْجِزاً له ، وقد ألهم الله النمل كثيراً من مصالحها تزيد به على الحيوانات ، فمن ذلك أنها تكسر كل حبَّة تدخرها قطعتين لئلاّ تَنْبُت ، إِلا الكُزْبرة فانها تكسرها أربع قطع ، لأنها تَنْبُت إِذا كُسرت قطعتين ، فسبحان من ألهمها هذا ! وفي صفة تلك النملة قولان . أحدهما : أنها كانت كهيئة النعجة ، قال نوف الشامي : كان النمل في زمن سليمان بن داود كأمثال الذئاب . والثاني : كانت نملة صغيرة . { ادخلوا مساكنَكم } وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وعاصم الجحدري : { مَسْكَنَكم } على التوحيد . قوله تعالى : { لا يَحْطِمَنَّكُمْ } الحَطْم : الكَسْر . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو رجاء { لَيَحْطِمَنَّكُمْ } بغير ألف بعد اللام . وقرأ ابن مسعود : { لا يَحْطِمْكُمْ } بفتح الياء وسكون الحاء وتخفيف الطاء وسكون الميم وحذف النون . وقرأ عمرو بن العاص ، وأبان { يَحْطِمَنْكُمْ } بفتح الياء وسكون الحاء والنون ساكنة أيضاً والطاء خفيفة . وقرا أبو المتوكل ، وأبو مجلز : { لا يَحِطِّمَنَّكُمْ } بفتح الياء وكسر الحاء وتشديد الطاء والنون جميعاً . وقرأ ابن السميفع ، وابن يعمر ، وعاصم الجحدري : { يُحْطِمَنَّكُمْ } برفع الياء وسكون الحاء وتخفيف الطاء وتشديد النون . والحَطْمُ : الكَسْر ، والحُطَام : ما تحطَّم . قال مقاتل : سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال . وفي قوله : { وهم لا يَشْعُرون } قولان . أحدهما : وأصحاب سليمان لم يشعروا بكلام النملة ، قاله ابن عباس . والثاني : وأصحاب سليمان لا يَشْعُرون بمكانكم ، لانها علمتْ أنَّه ملك لا بغي فيه ، وأنهم لو علموا بالنمل ما توطَّؤوهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { فتبسَّمَ ضاحكاً } قال الزجاج : { ضاحكاً } منصوب ، حال مؤكَدة ، لأن « تبسّم » بمعنى « ضحك » . قال المفسرون : تبسم تعجُّباً ممَّا قالت : وقيل : من ثنائها عليه . وقال بعض العلماء : هذه الآية من عجائب القرآن ، لأنها بلفظة « يا » نادت « أيها » نبهت { النمل } عيَّنت { ادخلوا } أمرت { مساكنَكم } نصَّت { لا يحطمنَّكم } حذَّرت { سليمانُ } خصَّت { وجنوده } عمَّت { وهم لا يشعُرون } عذرت . قوله تعالى : { وقال ربِّ أَوْزِعْني } قال ابن قتيبة : ألهِمْني ، أصل الإِيزاع : الإِغراء بالشيء ، يقال : أوزَعْتُه بكذا ، أي : أغريتُه به ، وهو مُوزَعٌ بكذا ، ومُولَعٌ بكذا . وقال الزجاج . تأويله في اللغة : كُفَّني عن الأشياء إِلا عن شُكرِ نِعمتك ؛ والمعنى : كُفَّني عمَّا يُباعِد منك ، { وأن أَعْمَلَ } أي : وألهِمْني أن أعمل { صالحاً ترضاه } قال المفسرون : إِنما شكر اللّهَ عز وجل لأن الريح أبلغت إِليه صوتها ففهم ذلك .