Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-26)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وتَفَقَّدَ الطَّيْرَ } التفقُّد : طلب ما غاب عنك ؛ والمعنى أنه طلب ما فقد من الطير ؛ والطَّير اسم جامع للجنس ، وكانت الطَّير تصحب سليمان في سفره تُظِلُّه بأجنحتها { فقال ماليَ لا أرى الهُدْهُدَ } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، والكسائي : { ما لِيَ لا أرى الهُدْهُدَ } بفتح الياء . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة بالسكون ، والمعنى : ما للهدهد [ لا أراه ] ؟ ! تقول العرب : مالي أراك كئيباً ، أي : مَالَكَ ؟ فهذا من المقلوب الذي معناه معلوم . قال المفسرون : لمَّا فَصَل سليمان عن وادي النمل ، وقع في قفر من الأرض ، فعطش الجيش فسألوه الماء ، وكان الهدهد يدلُّه على الماء ، فاذا قال له : هاهنا الماء ، شقَّقت الشياطين الصَّخر وفجَّرت العيون قبل أن يضربوا أبنيتهم ، وكان الهدهد يرى الماء في الأرض كما يرى الماء في الزجاجة ، فطلبه يومئذ فلم يجده . وقال بعضهم : إِنما طلبه لأن الطَّير كانت تُظِلُّهم من الشمس ، فأخلَّ الهدهد بمكانه ، فطلعت الشمس عليهم من الخلل . قوله تعالى : { أمْ كان } قال الزجاج : معناه : بل كان . قوله تعالى : { لأُعَذِّبَنَّهُ عذاباً شديداً } فيه ستة أقوال . أحدها : نتف ريشه ، قاله ابن عباس ، والجمهور . والثاني : نتفه وتشميسه ، قاله عبد الله بن شداد . والثالث : شد رجله وتشميسه ، قاله الضحاك . والرابع : أن يطليَه بالقطران ويشمّسه ، قاله مقاتل بن حيان . والخامس : ان يودِعه القفص . والسادس : أن يفرِّق بينه وبين إِلفه ، حكاهما الثعلبي . قوله تعالى : { أو لَيَأْتِيَنِّي } وقرأ ابن كثير : { لَيَأْتِيَنَّنِي } بنونين ، وكذلك هي في مصاحفهم . فأما السلطان ، فهو الحُجَّة ، وقيل : العُذر . وجاء في التفسير أن سليمان لما نزل في بعض مسيره ، قال الهدهد : إِنه قد اشتغل بالنزول فأرتفع أنا إِلى السماء فأنظر إِلى طول الدنيا وعرضها ، فارتفع فرأى بستاناً لبلقيس ، فمال إِلى الخُضرة فوقع فيه ، فاذا هو بهدهد قد لقيَه ، فقال : من اين أقبلت ؟ قال : من الشام مع صاحبي سليمان ، فمن أين أنت ؟ قال : من هذه البلاد ، وملكها امرأة يقال لها : بلقيس ، فهل انت مُنطلق معي حتى ترى مُلْكها ؟ قال : أخاف أن يتفقَّدني سليمان وقت الصلاة إِذا احتاج إِلى الماء ، قال : إِن صاحبك يسرُّه أن تأتيَه بخبر هذه الملِكة ، فانطلق معه ، فنظر إِلى بلقيس ومُلْكها ، { فمَكث غير بعيد } قرأ الجمهور بضم الكاف ، وقرأ عاصم بفتحها ، وقرأ ابن مسعود : { فتمكَّث } بزيادة تاء ؛ والمعنى : لم يلبث إِلا يسيراً حتى جاء ، فقال سليمان : ما الذي أبطأ بك ؟ { فقال أَحَطْتُ بما لم تُحِطْ به } أي : علمتُ شيئاً من جميع جهاته مما لم تعلم [ به ] { وجِئْتُكَ من سَبَأٍ } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : { سَبَأَ } نصباً غير مصروف ، وقرأ الباقون خفضاً منوَّناً . وجاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سبأ رجل من العرب . وقال قتادة : هي أرض باليمن يقال لها : مأرب . وقال أبو الحسن الأخفش : إِن شئتَ صرفت « سبأ » فجعلته اسم أبيهم ، أو اسم الحيِّ ، وإِن شئت لم تصرف فجعلته اسم القبيلة ، أو اسم الأرض . قال الزجاج : وقد ذكر قوم من النحويين أنه اسم رجل . وقال آخرون : الاسم إِذا لم يُدْرَ ما هو لم يُصرف ؛ وكلا القولين خطأٌ ، لأن الأسماء حقُّها الصَّرف ، وإِذا لم يُعلم هل الاسم للمذكَّر أم للمؤنَّث ، فحقُّه الصَّرف حتى يُعلم أنَّه لا ينصرف ، لأن أصل الأسماء الصرف . وقول الذين قالوا : هو اسم رجل ، غلط ، لأن سبأ هي مدينة تُعرف بمأرب من اليمن ، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام ، فمن لم يصرفه جعله اسم مدينة ، ومن صرفه فلأنَّه اسم البلد ، فيكون مذكَّراً سمي بمذكَّر . قوله تعالى : { بنبأٍ يقينٍ } أي : بخبر صادق ، { إِني وجدتُ امرأةً تَمْلِكُهم } يعني : بلقيس { وأوتيتْ من كل شيء } قال الزجاج : معناه : من كل شيء يُعطاه الملوك ويؤتاه الناس . والعرش : سرير الملك . قال قتادة : كان عرشها من ذهب ، قوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ ، وكان أحد أبويها من الجنّ ، وكان مؤخَّر أحد قدميها مثل حافر الدابة . وقال مجاهد : كان قدماها كحافر الحمار . وقال ابن السائب : لم يكن بقدميها شيء ، إِنما وقع الجنُّ فيها عند سليمان بهذا القول ، فلمَّا جعل لها الصرح بان له كذبُهم . قال مقاتل : كان ارتفاع عرشها ثمانين ذراعاً في عرض ثمانين ، وكانت أُمُّها من الجنّ . قال ابن جرير : وإِنما صار هذا الخبر عُذْراً للهدهد ، لأن سليمان كان لا يرى لأحد في الأرض مملكة سواه ، وكان مع ذلك يحبُّ الجهاد ، فلمَّا دلَّه الهدهد على مملكةٍ لغيره ، وعلى قومٍ كَفَرة يجاهدهم ، صار ذلك عُذراً له . قوله تعالى : { ألاَّ يَسْجُدوا } قرأ الأكثرون : « ألاَّ » بالتشديد . قال الزجاج : والمعنى : وزيَّن لهم الشيطان ألاَّ يسجدوا ، أي : فصدَّهم لئلاَّ يسجُدوا . وقرأ ابن عباس ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، والحسن ، والزهري ، وقتادة ، وأبو العالية ، وحميد الأعرج ، والأعمش ، وابن أبي عبلة ، والكسائي : { ألا يسجُدوا } مخفَّفة ، على معنى : ألا يا هؤلاء اسجُدوا ، فيكون في الكلام إِضمار { هؤلاء } ويُكتفى منها بـ « يا » ، ويكون الوقف « ألا يا » والابتداء { اسجدوا } ؛ قال الفراء : فعلى هذه القراءة هي سجدة ، وعلى قراءة من شدَّد لا ينبغي لها أن تكون سجدة . وقال أبو عبيدة : هذا أمر من الله مستأنَف ، يعني : ألا يا أيُّها الناس اسجدوا . وقرأ ابن مسعود ، وأُبيُّ : { هلاَّ يسجدوا } بهاءٍ . قوله تعالى : { الذي يُخْرِجُ الخَبْءَ في السَّموات والأرض } قال ابن قتيبة : أي : المُسْتَتِر فيهما ، وهو من خَبَأْتُ الشيءَ : إِذا أخفيته ، ويقال : خبْءُ السموات : المطر ، وخبءُ الأرض : النبات . وقال الزجاج : كل ما خَبَأته فهو خَبْءُ ، فالخَبْءُ : كُلُّ ما غاب ؛ فالمعنى : يعلم الغيب في السموات والأرض . وقال ابن جرير : « في » بمعنى « مِنْ » ، فتقديره : يُخرج الخَبْءَ من السموات . قوله تعالى : { ويَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وما تُعْلِنُونَ } قرأ حفص [ عن ] عاصم ، والكسائي بالتاء فيهما . وقرأ الباقون بالياء . قال ابن زيد : من قوله : { أَحَطْتُ } إِلى قوله : { العَظيمِ } كلام الهدهد . وقرأ الضحاك ، وابن محيصن : { العَظيمُ } برفع الميم .