Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 9-11)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسيروا في الأرض } أي : أَوَلَمْ يسافروا فينظروا مصارع الأُمم قبلهم كيف أُهلكوا بتكذيبهم فيعتَبروا . قوله تعالى : { وأثاروا الأرض } أي : قلبوها للزراعة ، ومنه قيل للبقرة : مثيرة . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، ومعاذ القارىء ، وأبو حيوة : { وآثَرُوا الأرض } بمد الهمزة وفتح الثاء مرفوعة الراء ، { وعَمَرُوها أكثرَ مِمَّا عَمَرُوها } أي : أكثر من عِمارة أهل مكة ، لطول أعمار أولئك وشدة قوَّتهم { وجاءتهم رسُلُهم بالبيِّنات } أي : بالدَّلالات { فما كان الله لِيَظْلِمهم } بتعذيبهم على غير ذنب { ولكن كانوا أنفُسَهم يَظْلِمون } بالكفر والتكذيب ؛ ودلَّ هذا على أنهم لم يؤمنوا فأُهلكوا . ثم أخبر عن عاقبتهم فقال : { ثُمَّ كان عاقبةَ الذين أساؤوا السُّوأى } يعني : الخَلَّة السيِّئة ؛ وفيها قولان . أحدهما : أنها العذاب ، قاله الحسن . والثاني : جهنم ، قاله السدي . قوله تعالى : { أن كذَّبوا } قال الفراء : معناه : لأن كذَّبوا ، فلمَّا أُلقيت اللامُ كان نصباً . وقال الزجاج : لتكذيبهم بآيات الله واستهزائهم . وقيل : السُّوأى مصدر بمنزلة الإِساءَة ؛ فالمعنى : ثم كان التكذيب آخرَ أمرهم ، أي : ماتوا على ذلك ، كأنَّ الله تعالى جازاهم على إِساءَتهم أن طبع على قلوبهم حتى ماتوا على التكذيب عقوبةً لهم . وقال مكي بن أبي طالب النحوي : { عاقبةُ } اسم كان ، و { السُّوأى } خبرها ، و { أن كذَّبوا } مفعول من أجله ؛ ويجوز أن يكون { السُّوأى } مفعولة بـ { أساؤوا } ، و { أن كذَّبوا } خبر كان ؛ ومن نصب « عاقبةَ » جعلها خبر « كان » ، و « السُّوأى » اسمها ، ويجوز أن يكون { أن كذَّبوا } اسمها . وقرأ الأعمش : « أساؤوا السُّوءُ » برفع « السُّوءُ » . قوله تعالى : { الله يبدأ الخَلْق ثم يُعيدُه } أي : يخلُقهم أوّلاً ، ثم يعيدهم بعد الموت أحياءً كما كانوا ، { ثُمَّ إِليه تُرْجَعون } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : { تُرْجَعون } بالتاء ؛ فعلى هذا يكون الكلام عائداً من الخبر إِلى الخطاب وقرأ أبو عمرو ، وأبو بكر عن عاصم : بالياء ، لأن المتقدِّم ذِكْره غَيبة ، والمراد بذِكر الرجوع : الجزاءُ على الأعمال ، والخَلْق بمعنى المخلوقين ، وإِنما قال : { يُعِيده } على لفظ الخَلْق .