Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 7-9)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإِذ أخذْنا } المعنى : واذكر إِذ أخذنا { من النبييِّن ميثاقهم } أي : عهدهم ؛ وفيه قولان . أحدهما : أخذُ ميثاق النبييِّن : أن يصدِّق بعضُهم بعضاً ، قاله قتادة . والثاني : أن يعبدوا الله ويدعوا إِلى عبادته ، ويصدِّق بعضهم بعضاً ، وأن ينصحوا لقومهم ، قاله مقاتل . وهذا الميثاق أُخِذ منهم حين أُخرجوا من ظهر آدم كالذَّرِّ . قال أُبيُّ بن كعب : لمَّا أخذ ميثاق الخَلْق خصَّ النبييِّن بميثاق آخر . فان قيل : لِمَ خصَّ الأنبياءَ الخمسة بالذِّكْر دون غيرهم من الأنبياء ؟ فالجواب : أنه نبَّه بذلك على فضلهم ، لأنهم أصحاب الكتب والشرائع ؛ وقدَّم نبيَّنا صلى الله عليه وسلم بياناً لفضله عليهم . قال قتادة : كان نبيُّنا أولَ النبييِّن في الخَلْق . وقوله : { ميثاقاً غليظاً } أي : شديداً على الوفاء بما حُمِّلوا . وذكر المفسرون أن ذلك العهد الشديد : اليمينُ بالله عز وجل . { لِيَسألَ الصادقين } يقول : أخذنا ميثاقهم لكي نسأل الصادقين ، وهم الأنبياء { عن صِدقهم } في تبليغهم . ومعنى سؤال الأنبياء وهو يعلم صدقهم تبكيت مكذِّبيهم . وهاهنا تم الكلام . ثم أخبر بعد ذلك عمَّا أعدَّ للكافرين بالرسل . قوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إِذ جاءتكم جنود } وهم الذين تحزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق . الإِشارة إِلى القصة . ذَكر أهل العلم بالسِّيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا أجلى بني النضير ، ساروا إِلى خيبر ، فخرج نفر من أشرافهم إِلى مكة فألَّبوا قريشاً ودعَوهم إِلى الخروج لقتاله ، ثم خرجوا من عندهم فأتَوا غطفان وسُلَيم ، ففارقوهم على مثل ذلك . وتجهزت قريشٌ ومن تبعهم من العرب ، فكانوا أربعة آلاف ، وخرجوا يقودهم أبو سفيان ، ووافتهم بنو سُلَيم بـ « مرِّ الظهران » وخرجت بنو أسد ، وفزارة ، وأشجع ، وبنو مُرَّة ، فكان جميع من وافى الخندق من القبائل عشرة آلاف ، وهم الأحزاب ؛ فلمَّا بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خروجُهم من مكة ، أخبر الناسَ خبرهم ، وشاورهم ، فأشار سلمان بالخندق ، فأعجب ذلك المسلمين ، وعسكر بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلى سفح « سَلْعٍ » ، وجعل سَلْعاً خلف ظهره ؛ ودسَّ أبو سفيان بن حرب حُيَيَّ بن أخطب إِلى بني قريظة يسألهم أن ينقُضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكونوا معهم عليه ، فأجابوا ، واشتد الخوف ، وعَظُم البلاء ، ثم جرت بينهم مناوشة وقتال ، وحُصِر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه بضع عشرة ليلة حتى خلص إِليهم الكَرْب ، وكان نُعَيم بن مسعود الأشجعيّ قد أسلم ، فمشى بين قريش وقريظة وغطفان فخذَّل بينهم ، فاستوحش كل منهم من صاحبه ، واعتلَّت قريظة بالسبت فقالوا : لا نقاتِل فيه ، وهبَّت ليلةَ السبت ريح شديدة ، فقال أبو سفيان : يا معشر قريش ، إِنكم والله لستم بدار مُقام ، لقد هلك الخُفُّ والحافر ، وأجدب الجَنَاب ، وأخلفتْنا قريظةُ ، ولقينا من الريح ما ترَون ، فارتحِلوا فاني مرتحِل ؛ فأصبحت العساكر قد أقشَعت كلُّها . قال مجاهد : والريح التي أُرسلت عليهم هي الصَّبا ، حتى أكفأت قدورهم ، ونزعت فساطيطهم . والجنود : الملائكة ، ولم تقاتل يومئذ . وقيل : إِن الملائكة جَعلت تقلَعُ أوتادهم وتطفىء نيرانهم وتكبِّر في جوانب عسكرهم ، فاشتدت عليهم ، فانهزموا من غير قتال . قوله تعالى : { لَمْ تَرَوْهَا } وقرأ النخعي ، والجحدري ، والجوني ، وابن السميفع : { لم يَرَوْهَا } بالياء { وكان اللّهُ بما تعملون بصيراً } وقرأ أبو عمرو : [ { يعملون } ] بالياء .