Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 10-11)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولقد آتينا داود مِنَّا فَضْلاً } وهو النُّبوَّة والزَّبور وتسخير الجبال والطير ، إِلى غير ذلك ممَّا أنعم اللّهُ به عليه { يا جبالُ أوِّبي معه } وروى الحلبي عن عبد الوارث : { أُوْبي } بضم الهمزة وتخفيف الواو . قال الزجاج : المعنى : وقلنا : يا جبال أوِّبي معه ، أي : رجِّعي معه . والمعنى : سبِّحي معه ورجِّعي التسبيح . ومن قرأ : { أُوْبي } ، معناه : عودي في التسبيح معه كلما عاد . وقال ابن قتيبة : { أوِّبي } أي : سبِّحي ، وأصل التأويب في السير ، وهو أن يسير النهار كلَّه ، وينزل ليلاً ، فكأنه أراد : ادأَبي النهار [ كلَّه ] بالتسبيح إِلى الليل . قوله تعالى : { والطََّيْرَ } وقرأ أبو رزين ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو العالية ، وابن أبي عبلة : { والطَّيْرُ } بالرفع . فأما قراءة النصب ، فقال أبو عمرو بن العلاء : هو عطف على قوله : { ولقد آتينا داود مِنَّا فضلاً } { والطَّيْرَ } أي : وسخَّرْنا له الطَّيْرَ . قال الزجاج : ويجوز أن يكون نصباً على النداء ، كأنه قال : دعَوْنا الجبالَ والطيرَ ، فالطير معطوف على موضع الجبال ، وكل منادى عند البصريين فهو في موضع نصب ؛ قال : وأما الرفع ، فمن جهتين ، إِحداهما : أن يكون نسقاً على ما في { أوِّبي } ، فالمعنى : يا جبال رجِّعي التسبيح معه أنتِ والطير ؛ والثانية : على النداء ، المعنى : يا جبال ويا أيُّها الطير أوِّبي [ معه ] . قال ابن عباس : كانت الطير تسبِّح معه إِذا سبَّح ، وكان إِذا قرأ لم تبق دابَّة إِلا استمعت لقراءته وبكت لبكائه . وقال وهب بن منبه : كان يقول للجبال : سبِّحي ، وللطير : أجيبي ، ثم يَأخذ هو في تلاوة الزَّبور بين ذلك بصوته الحسن ، فلا يرى الناسُ منظراً أحسن من ذلك ، ولا يسمعون شيئاً أطيبَ منه . قوله تعالى : { وألنَّا له الحديد } أي : جعلناه ليِّناً . قال قتادة : سخَّر اللّهُ له الحديد بغير نار ، فكان يسوِّيه بيده ، لا يُدخله النار ، ولا يضربه بحديدة ، وكان أول من صنع الدروع ، وكانت قبل ذلك صفائح . قوله تعالى : { أَنِ اعْمَلْ } قال الزجاج : معناه : وقلنا له : اعْمَل ، ويكون في معنى « لأن يعمل » { سابغات } أي : دروعاً سابغات ، فذكر الصفة لأنها تدل على الموصوف . قال المفسرون : كان يأخذ الحديد بيده فيصير كأنه عجين يعمل به ما يشاء ، فيعمل الدِّرع في بعض يوم فيبيعه بمال كثير ، فيأكل ويتصدق . والسابغات : الدروع الكوامل التي تغطّي لابسها حتى تَفْضُل عنه فيجرّها على الأرض . { وقَدِّر في السَّرْدِ } أي : اجعله على قدر الحاجة . قال ابن قتيبة : السَّرْدُ : النَّسْج ، ومنه يقال لصانع الدُّروع : سَرَّادٌ وزَرّادٌ ، تبدل من السين الزاي ، كما يقال : سرّاط وزرّاط . وقال الزجاج : السَّرْدُ في اللغة : تَقْدِمَةُ الشيء إِلى الشيء تأني به متَّسقاً بعضُه في إِثر بعض متتابعاً . ومنه قولهم : سَرَدَ فلان الحديثَ . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : عدِّل المسمار في الحَلْقة ولا تصغِّره فيقلق ، ولا تُعظِّمه فتنفصم الحَلْقة ، قاله مجاهد . والثاني : لا تجعل حِلَقَه واسعة فلا تَقي صاحبها ، قاله قتادة . قوله تعالى : { واعْمَلوا صالحاً } خطاب لداود وآله .