Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 114-133)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولقد مَنَنّا على موسى وهارون } أي : أنعمنا عليهما بالنبوّة . وفي { الكَرْبِ العظيم } قولان : أحدهما : استعباد فرعون وبلاؤه ، وهو معنى قول قتادة . والثاني : الغرق ، قاله السدي . قوله تعالى : { ونَصَرْناهم } فيه قولان : أحدهما : [ أنه ] يرجع إلى موسى وهارون وقومهما . والثاني : [ أنه ] يرجع إليهما فقط ، فجُمعا ، لأن العرب تذهب بالرئيس إلى الجمع ، لجنوده وأتباعه ، ذكرهما ابن جرير . وما بعد هذا قد تقدم بيانه [ الأنبياء : 48 ] إلى قوله : { وإنَّ إلياس لَمِن المُرْسَلِينَ } فيه قولان . أحدهما : أنه نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه إِدريس ، قاله ابن مسعود ، وقتادة ، وكذلك كان يقرأ ابن مسعود ، وأبوالعالية ، وأبو عثمان النهدي : { وإِن إِدريس } مكان " إِلياس " . قوله تعالى : { إذ قال لقومه ألا تَتَّقونَ } أي : ألا تخافون الله فتوحِّدونه وتعبدونه ؟ ! { أتَدْعونَ بَعْلاً } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه بمعنى الرَّبّ ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبوعبيدة ، وابن قتيبة . وقال الضحاك : كان ابن عباس قد أعياه هذا الحرف ، فبينا هو جالس ، إذ مَرَّ أعرابيّ قد ضَلَّت ناقتُه وهو يقول : من وجد ناقة أنا بعلُها ؟ فتبعه الصّبيان يصيحون به : يازوج النّاقة ، يازوج النّاقة ، فدعاه ابن عباس فقال : ويحك ، ما عنيتَ ببعلها ؟ قال : أنا ربُّها . فقال ابن عباس : صدق الله { أَتَدْعون بَعْلاً } : ربّاً . وقال قتادة : هذه لغة يمانية . والثاني : أنه اسم صنم كان لهم ، قاله الضحاك ، وابن زيد . وحكى ابن جرير : أنه به سُمِّيت " بعلبكّ " . والثالث : أنها امرأه كانوا يعبدونها ، حكاه محمد بن إِسحاق . قوله تعالى : { اللهَ ربَّكم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : { اللهُ ربُّكم } بالرفع . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف ، ويعقوب : { الله } بالنصب . قوله تعالى : { فكذَّبوه فإنَّهم لمُحضَرونَ } النارَ ، { إلاّ عبادَ الله المُخْلَصِينَ } الذين لم يكذِّبوه ، فإنهم لا يُحْضَرونَ النّار . الإشارة إلى القصة : ذكر أهل العلم بالتفسير والسِّيَر أنه لما كَثُرت الأحداث بعد قبض حزقيل النبيّ عليه السلام ، وعُبِدت الأوثانُ ، بَعَثَ اللهُ تعالى إِليهم إِلياس . قال ابن إِسحاق : وهو إلياس بن تشبي بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران ، فجعل يدعوهم فلا يسمعون منه ، فدعا عليهم بحبس المطر ، فجُهدوا جَهداً شديداً ، واستخفى إِلياس خوفاً منهم على نفسه ، ثم إنه قال لهم يوماً : إِنكم قد هَلَكْتُم جَهْداً ، وهَلَكَت البهائمُ والشجر بخطاياكم ، فاخرُجوا بأصنامكم وادْعُوها ، فإن استجابت لكم ، فالأمر كما تقولون ، وإن لم تفعل ، عَلِمتم أنكم على باطل فنَزَعْتُم عنه ، ودعوتُ الله ففرَّج عنكم ، فقالوا : أنصفتَ ، فخرجوا بأصنامهم وأوثانهم ، فدعَوْا فلم يُستجب لهم ، فعرفوا ضلالهم ، فقالوا : ادْعُ اللهَ لنا . فدعا لهم ، فأرسل المطر وعاشت بلادهم ، فلم يَنْزِعوا عمّا كانوا عليه ، فدعا إلياس ربَّه أن يَقْبِضه إِليه ويًريحَه منهم ، فقيل له : اخْرُج يومَ كذا إِلى مكان كذا ، فما جاءك من شيء فاركبْه ولا تَهَبْهُ ، فخرج ، فأقبل فَرَسٌ من نار ، فوثب عليه ، فانطلق به ، وكساه الله الريش وألبسه النور وقطع عنه لذَّة المَطْعم والمَشْرَب ، فطار في الملائكة ، فكان إنسيّاً مَلَكيّاً ، أرضيّاً سماويّاً . قوله تعالى : { سلامٌ على إِلياسينَ } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : { إِلياسينَ } موصولة مكسورة الألف ساكنة اللام ، فجعلوها كلمة واحدة ؛ وقرأ الحسن مثلهم ، إلاّ أنه فتح الهمزة . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وعبد الوارث ، ويعقوب إلاّ زيداً : { إِلْ ياسينَ } مقطوعة ، فجعلوها كلمتين . وفي قراءة الوصل قولان : أحدهما : أنه جَمْعٌ لهذا النبيّ وأمَّته المؤمنين به ، وكذلك يُجمع ما يُنْسَب إِلى الشيء بلفظ الشيء ، فتقول : رأيت المهالبة ، تريد : بني المهلَّب ، والمسامعة ، تريد بني مسمع . والثاني : أنه اسم النبيّ وحده ، وهو اسم عبرانيٌّ ، والعجمي من الأسماء قد يُفْعَل به هكذا ، [ كما ] تقول : ميكال وميكائيل ، ذكر القولين الفراء والزجاج . فأمّا قراءة من قرأ { إِلْ ياسينَ } مفصولة ، ففيها قولان : أحدهما : أنهم آل هذا النبي المذكور ، وهو يدخل فيهم ، كقوله عليه السلام " اللهم صَلِّ على آل أَبي أَوفى " فهو داخل فيهم ، لأنه هو المراد بالدعاء . والثاني : أنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله الكلبي . وكان عبد الله بن مسعود يقرأ : { سلامٌ على إِدْراسينَ } وقد بيَّنّا مذهبه في أن إلياس هو إدريس . فإن قيل : كيف قال : " إدراسين " ، وإنما الواحد إدريس ، والمجموع إِدريسيُّ لا إِدراسٌ ولا إِدراسيّ ؟ فالجواب : أنه يجوز أن يكون لغة ، كإبراهيم وإبراهام ، و مثله : @ قَدْنِيَ مِنْ الخُبَيْبَيْنِ قَدِي @@ وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو نهيك : { سلام على ياسين } بحذف الهمزة واللام .