Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 16-20)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وقالوا ربَّنا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنا } في سبب قولهم هذا قولان : أحدهما : أنه لمّا ذُكِر لهم ما في الجنّة ، قالوا هذا ، قاله سعيد بن جبير ، والسدي . والثاني : أنه لمّا نزل قوله { فأمَّا مَنْ أُوتيَ كتابَه بيمينه … } الآيات [ الحاقة : 19 - 37 ] ، قالت قريش : زعمتَ يا محمد أنّا نُؤتَى كتبنا بشمائلنا ؟ ! فعجِّل لنا قِطَّنا ، يقولون ذلك تكذيباً له . قاله أبو العالية ومقاتل . وفي المراد بالقِطِّ أربعة أقوال : أحدها : أنه الصحيفة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . قال الفراء : القِطُّ في كلام العرب : الصَّكّ . وقال أبو عبيدة : القِطُّ الكتاب ، والقُطُوط : الكتب بالجوائز ، وإلى هذا المعنى ذهب الحسن ، ومقاتل ، وابن قتيبة . والثاني : أن القِطَّ : الحساب ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثالث : أنه القضاء ، قاله عطاء الخراساني ، والمعنى أنهم لمّا وُعِدوا بالقضاء بينهم ، سألوا ذلك . والرابع : أنه النصيب ، قاله سعيد بن جبير . [ قال الزجاج : القِطُّ : النصيب ، وأصله : الصحيفة يُكْتَب للإنسان فيها شيء يَصِل إِليه ، واشتقاقة من قَطَطْتُ ، أي : قَطَعْتُ ، فالنَّصيب : هو القطعة من الشيء . ثم في هذا القول للمفسرين قولان : أحدهما : أنهم سألوه نصيبهم من الجنة ، قاله سعيد بن جبير ] . والثاني : سألوه نصيبهم من العذاب ، قاله قتادة . وعلى جميع الأقوال ، إنما سألوا ذلك استهزاءً ، لتكذيبهم بالقيامة . { اصْبِرْ على ما يقولونَ } أي : من تكذيبهم وأذاهم ، وفي هذا قولان : أحدهما : أنه أُمِر بالصبر ، سلوكاً لطريق أًولي العزم ، وهذا مُحْكَم . والثاني : أنه منسوخ بآية السيف فيما زعم الكلبي . قوله تعالى : { واُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ } في وجه المناسبة بين قوله : { إِصبر } وبين قوله : { واُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ } قولان : أحدهما : أنه أمِرَ أن يتقوّى على الصَّبر بذِكْر قُوَّة داوُد على العبادة والطاعة . والثاني : أن المعنى : عرِّفهم أن الأنبياء عليهم السلام مع طاعتهم كانوا خائفين منِّي ، هذا داوُد مع قوَّته على العبادة ، لم يزل باكياً مستغفراً ، فكيف حالُهم مع أفعالهم . فأما قوله : { ذَا الأيْدِ } فقال ابن عباس : هي القُوَّة في العبادة . وفي " الصحيحين " من حديث عبد الله بن عمرو قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَحَبُّ الصِّيام إلى الله صيامُ داوُدَ ، كان يصومُ يوماً ويُفْطِر يوماً ، وأَحَبُّ الصَّلاة إِلى الله صلاةُ داوُد ، كان ينام نِصْفَ الليل ويقومُ ثُلثه وينامَ سُدسه " وفي { الأوّاب } أقوال قد ذكرناها في [ بني اسرائيل : 25 ] . { إِنّا سَخَّرْنا الجبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ } قد ذكرنا تسبيح الجبال معه في [ الأنبياء : 79 ] ، وذكرنا معنى العَشِيّ في مواضع مما تقدم ، [ آل عمران : 41 ] [ الأنعام : 53 ] ، وذكرنا معنى الإشراق في [ الحجر : 73 ] عند قوله { مُشْرِقِين } . قال الزجاج : الإِشراق : طلوعُ الشمس [ وإِضاءتُها ] ، وروي عن ابن عباس أنه قال : طَلَبْتُ صلاةَ الضُّحى ، فلم أَجِدْها إِلاّ في هذه الآية . وقد ذكرنا عنه أن صلاة الضُّحى مذكورة في [ النور : 36 ] في قوله { بالغُدُوِّ والآصال } . قوله تعالى : { والطَّيْرَ مَحشُورَةً } وقرأ عكرمة ، وأبو الجوزاء ، والضحاك ، وابن أبي عبلة : { والطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ } بالرفع فيهما ، أي : مجموعة إليه ، تسبِّح اللهَ معه { كُلَّ له } في هاء الكناية قولان : أحدهما : أنها ترجع إِلى داوُد ، أي : كُلٌّ لداود { أَوَّابٌ } أي : رَجّاعٌ إِلى طاعته وأَمْره ، والمعنى : كُلٌّ له مُطِيع بالتسبيح معه ، هذا قول الجمهور . والثاني : [ أنها ] ترجع إلى الله تعالى ، فالمعنى : كُلٌّ مسبِّحٌ لله ، قاله السدي . قوله تعالى : { وشدَدْنا مُلْكَه } أي : قوَّيناه . وفي ما شُدَّ به مُلْكُه قولان : أحدهما : أنه الحَرَسُ والجنود ؛ قال ابن عباس : كان يحرسُه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل . والثاني : أنه هَيْبَةٌ أُلْقِيَتْ في قلوب الناس ؛ وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عباس أيضاً . قوله تعالى : { وآتيناه الحكمة } وفيها أربعة أقوال : أحدها : أنها الفَهْم ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وابن زيد . والثاني : الصَّواب ، قاله مجاهد . والثالث : السُّنَّة ، قاله قتادة . والرابع : النُّبُوَّة ، قاله السدي . وفي فصل الخطاب أربعة أقوال : أحدها : عِلْمُ القضاء والعدلُ ، قاله ابن عباس ، والحسن . والثاني : بيان الكلام ، روي عن ابن عباس أيضاً ، وذكر الماوردي أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود . والثالث : قوله { أما بعد } وهو أول من تكلَّم بها ، قاله أبو موسى الأشعري ، والشعبي . والرابع : تكليف المدَّعي البيِّنة ، والمدَّعَى عليه اليمين ، قاله شريح ، وقتادة ، وهو قولٌ حسنٌ ، لأن الخُصومة إنما تُفْصَل بهذا .